كمال صدقي مدير المنتدى
عدد الرسائل : 2376 العمر : 68 البلد : أفورار العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي تاريخ التسجيل : 20/12/2007
| موضوع: تدريس الفلسفة بين بداية السنة ونهايتها. الجمعة يونيو 12, 2009 8:54 am | |
| كيف نبدأ درسنا الفلسفي، وكيف ننهيه؟ وما الذي يجري من أحداث بين البداية والنهاية؟ كيف نتعامل كمدرسين مع مسار حافل بالانشراحات والاحباطات، من لحظات للفرح وأخرى للحزن والألم؟ من اليوميات التي تفرض نفسها عند مشارف كل نهاية سنة دراسية،هي لحظات التساؤل عن ما الذي أنجزناه، وهل ما تم إنجازه في مستوى التطلعات؟ من الغريب أن هذه الأسئلة ترتبط الإجابة عليها بمستوى البكالوريا دون غيرها من المستويات، وربما بسبب ضرورة الامتحان الوطني، وهذا معطى موضوعي لا يمكن إنكاره، مقارنة مع مستوى الجذع المشترك والآولى بكالوريا.وهذا التمييز مع الأسف يخلُق لدينا حتى نحن مدرسي الفلسفة، مجموعة من الدوكسات يتم السكوت عنها، لا بسبب أنها لامُفكر فيها، بل لأنها تربط بمشكلة - لازال يصعب علي تمثلها- والمتجسدة في أن من تُسند لهم مستويات البكالوريا تخصيصا يُعانون أكثر من الذين أُسندت لهم المستويات الأخرى، وتكمن المعاناة في سببن شائعين: الأول طول وصعوبة المقرر الدراسي، من حيث كثافته وإشكالاته ونوعية مقارباته. الثاني مشكلة الكتابة الفلسفية، من حيث أن الإنشاء الفلسفي يُشكل في نهاية المطاف، التقييم الموضوعي لكل ما أنجزناه بمعية التلاميذ طيلة السنة.ومن المفارقات التي يجب التفكير فيها بجدية، تتمثل في ممارسات غريبة ننهجها بدون مُساءلتها، وتتمثل في كوننا لأكثر من تلثي عمر الممارسة الفصلية، نُعطي الأهمية لتحليل النصوص، وبناء الدروس،الرغبة في إتمام المقرر الدراسي... وبالتالي كثير من المدرسين مع الأسف لا يلتفتون إلى الإنشاء الفلسفي إلا بعد إطلالة بوادر قرب الامتحان الوطني. ودليلنا في ذلك الحركية المهتمة بالإنشاء الفلسفي في جل المنتديات، وأستطيع القول إن الاهتمام بالأنشاء الفلسفي يُصبح عند كل مشارف نهاية سنة دراسية من اليوميات المُرهقة لمدرس الفلسفة.قد يعترض البعض على هذا الحكم، وبدوري قد أحتكم إلى أدلة من هنا وهناك...اعتراضهم مبدئي، ويتمثل في كون المفروض من مدرس الفلسفة أن يستدمج الفعل الإنشائي ضمن مقاربته للنصوص طيلة السنة، من خلال الكتابة الجزئية وصولا إلى الكتابة الكلية،أقول هذا موجود على الورق، ولكن ما يقع في الواقع شيء آخر، وهنا أنا لا أعمم بطبيعة الحال،وبينت التجرب أن الانجراف نحو إتمام المقرر يكون على حساب ممارسة التلميذ لفعل الإنشاء موازاة مع ما تطلبه كل مذكرات التقويم، وهنا سنطرح السؤال:لو افترضنا أن ما قلته غير صحيح، أتساءل كيف نقوم بتقويم التلميذ في المراقبة المستمرة في الأسدس الأول؟ قد نتفق على أن تحليل النص لا يطرح مشكلة ، ما دمنا نُحلل النصوص طيلة السنة، بشرط التمييز بين مُقاربة نص وتوظيفه في بناء أو الإجابة على إشكال محدد، وهذه المقاربة لها خصوصيتها كما يعلم الجميع، وبين تحليل نص بمواصفات المذكرة 159 وما يتطلبه الأمر من التوقف لحظة عن المقاربة المعرفية للنصوص، والشروع في المقاربة المنهجية التي ترتهن بلحظة الفهم والتحليل والمناقشة والتركيب والجوانب الشكلية.لماذا هذا الحٍراك حول الأنشاء الفلسفي والذي لا يغلي إلا بعد قرب الامتحان الوطني؟ هل هذه ظاهرة صحية؟ ألسنا مُطالبن بالمزاوجة بين المقاربة المعرفية للمجزوءات، والمقاربة المنهجية للكتابة الإنشائية طيلة السنة؟ أليس بسلوك البعض منا يوهم للتلاميذ أن الإنشاء الفلسفي أقل درجة من البناء المفاهيمي والإشكالي والحجاجي للمجزوءات؟ لكنه يتفاجأ في نهاية السنة بهول المطلوب؟ لنسأل التلاميذ ،جزء كبير منهم يقصد قاعة الامتحان وهو لايعرف شروط كتابة موضوع إنشائي. السؤال كيف نتغلب على أن بناء المجزوءات يتم على حساب الإنشاء الفلسفي؟ طيب لنأخذ كتاب التلميذ" في رحاب الفلسفة" ففور الانتهاء من العمل على مجزوءة الوضع البشري، يختم الكتاب المدرسي ص 78 ،بالتمرس على الكتابة المنظمة من خلال الاشتغال على نص للتحليل والمنافشة، ثم في ص 79 ،السؤال الإشكالي المفتوح.ما لم تُجب عنه المذكرة ولا كتاب التلميذ متعلق بالحيز الزمني للتمرس على النص والسؤال دفعة واحدة، مع أن الأمر يتطلب حيزا زمنيا يتناسب مع حجم وأهمية الإنشاء الذي خُصصت له صفحتان عند نهاية كل مجزوءة. ما يؤكد " ادعائي" أنه حتى في الدروس التطبيقية مع السادة المفتشين تكون في غالبيتها حول تحليل النصوص ضمن مُتطلبات المجزوءة، ومن النادر أن يكون الدرس التطبيقي حول الإنشاء لفلسفي بناء أو تصحيحا، حتى في المنتديات، تجد الحيز الذي تشغله الدروس الفلسيفة أكبر بكثير من حيز الإنشاء الفلسفي.... ونأتي مع بداية كل نهاية للسنة الدراسية ونتباكى على ضعف المستوى للتلاميذ، وأن كتاباتهم كارثية، وأن ..وأن..وأن....السؤال أين كنا طيلة السنة؟ لماذا لم نٌقوم اعوجاجهم- نسبيا على الأقل- من خلال كتاباتهم الجزئية في الفصل أو في التمارين المنزلية؟ لماذا لم نعمل على ترشيدهم من خلال المراقبة المستمرة؟ لماذا لم نحسم معهم الأمر نهائيا بعد الامتحان التجريبي؟ التلاميذ في نهاية المطاف منتوج لما نُدرسه لهم، ولنكن صُرحاء في طرح السؤال التالي: كيف تعاملنا طيلة السنة مع قضية الإنشاء الفلسفي؟ كيف خططنا لها؟ ما الموقع الذي تحتله في تحضيرنا الكلي للدروس؟ هل لدبنا جذاذات خاصة ببناء موضوع إنشائي وأخرى خاصة بالتصحيح؟ أن نلوم التلمذ ونُحمّله وحده كارثة ما يكتبه في الإنشاء لفلسفي، أعتقد أن هذا الوضع يتنافي مع التقاليد العقلانية للفلسفة. نعم هناك إكراهات تتعلق بغموض آفاق المستقبل، البرامج، المناهج، ما تلقاه التلميذ في الابتدائي والإعدادي، تهرّب الدولة من تحمّل مسوؤليتها في تدبير المدرسة العمومية، فتور الرقابة الأسرية،عوامل الاستلاب الخارجية( الراب وأخواته(باعتباره ثقافة الكسل لأن جذوره ترجع إلى حركة الهيبزم الرافضة للحياة كما هي ومنها المدرسة)، الهاثف النقال، الانترنيت،( كدردشة chatt والبحث عن الجنس الآخر، وعوالم الموسيقى ومواقع x...)المخدرات، البغاء المدرسي، العنف..) ولكن في نظري لا يمكن أن نركن ساكنين أمام كل هذه الإكراهات والانحرافات،ونستعملها كرصاص كتبية إعدام،لننهي حياة تلاميذ قٌدّر لهم أن يعيشوا في زمن ظاهره حداثى، وباطنه إما غارق في التقليدية أو الإباحية ،متعفن بمفارقات جعلتنا وتجعلنا نُجعجعُ بلا طحين. هذا يومي مع الإنشاء الفلسفي، وموعدنا مع يومية أخرى؟
عدل سابقا من قبل كمال صدقي في الخميس نوفمبر 26, 2009 10:30 am عدل 1 مرات | |
|