من يوميات مدرس فلسفة.
من بين مُعضلات كتاب التلميذ، أنه يؤسس "للكذب" على تاريخ الفلسفة، من خلال إقحام نصوص غير وظيفية في مُعالجة بعض إشكالات المحاور، وكمثال على هذا العطب المعرفي، نص روني ديكارت، من كتاب " في رحاب الفلسفة"السنة أولى بكالوريا، ضمن مفهوم التقنية.ص 47 حيث تمّ توظيفه ضمن محور : نتائج تطور التقنية. والقارئ للنص سيكتشف أن لا علاقة بين إشكال المحور وما يروم ديكارت الدفاع عنه،إضافة إلى أن النص لا يذكر مفهوم التقنية بتاتا.وكذلك النص المضاد له لميشيل سير، علما أن المصطلح ومفهومه لم يظهرا إلا حديثا جدا. يقول عبد السلام بنعبد العالي في كتابه "الفكر في عصر النهضة ":" ..والأغرب أن لفظ التقنية ذاته لم يدخل اللغات الأوروبية المعاصرة إلا في وقت متأخر. فنحن لا نعثر عليه مثلا حتى عند أبي الفلسفة الحديثة ومؤسس العلم الحديث. واللغة الفرنسية لم تستعمل الكلمة إلا منذ القرن الثامن عشر ومع إطلالة الثورة الصناعية. ذلك أن اللغة اللاتينية كانت تضع مقابل اللفظ الإغريقي " يخني " كلمة Ars. فظل اللفظ المستعمل للدلالة على المعنى وهو كلمة فن وصناعة." ص 12
هذه واحدة من معاناة مدرسي الفلسفة، إن هم اقتصروا حرفيا على نصوص كتاب التلميذ،مع العلم أننا كمدرسين مُلزمين بلفت الانتباه إلى كثير من أعطاب كتب التلاميذ، ما دام الأمر يتعلق بتوظيف بعضها في القسم وفي إنجاز التمارين البيتية.فهي حاضرة بصورة ما.
والمُدهش حقا أن الواحد وعشرون سؤالا (21) المرفق بالنص والنص المضاد له لم يتم فيها التركيز على أيّ سؤال له علاقة بالتقنية، غير سؤال عام لا علاقة له مباشرة مع النصين، وجاء على صيغة : ما نتائج تطور التقنية على الوجود البشري؟وهو تكرار لصيغة الإشكال في أعلى النص.
أسجل هذه الملاحظة،لأنه من خلال تجربة الاختبارات غير الكتابة لامتحان شهادة الكفاءة التربوية،نجد كثيرا من المدرسين الجدد يسقطون ضحية نص ديكارت، وهو كما أشرتُ أعلاه نص غير وظيفي.وبالتالي لا يُمكن تقويل ديكارت في التقنية وهو في حديثه عن قضية السيطرة على الطبيعة لم يكن يقصد بالتحديد من خلال التقنية كما هي مُتجلية بعد الثورة الصناعية.