مشروع هيكلة تلخيص درس فلسفي.(نموذج قابل للنقاش)
سأشرع في تقديم ملخصات للدروس الفلسفية بطريقة التعالق الإشكالي والفلسفي بين أطروحات الفلاسفة المتعلق بمفاهيم المجزوءات، كبديل لما يروج في الكتب التجارية التي تقدم أطروحات الفلاسفة مفصولة عن سياقها داخل المجزوءة وإشكالاتها وعلاقات المفاهيم فيما بينها.باعتبار هذا الفعل هو المؤسس للتفلسف من خلال تحليل ومناقشة أطروحات الفلاسفة.
الحلقة الأولى: مجزوءة الوضع البشري.
بعض مؤشرات مراجعة مجزوءة الوضع البشري.
السؤال : ما المطلوب تذكره في لحظة الامتحان بالنسبة لأشكال يتعلق بهذه المجزوءة؟
المطلوب من التلميذ أن يكون على قدر من الوعي والفهم بالقضايا التالية، وهي موضوع مُقاربة الفلاسفة لإشكالات مفاهيم المجزوءة:
1- رهان هذه المجزوءة هو التفكير في مُحدّدات وشروط الوجود البشري،إجابة على السؤال المسكوت عنه : ما الإنسان؟ ومن ثمة تقترح المجزوءة ثلاث محددات، المحدد الذاتي، وهو المتمثل في مفهوم الشخص، ثم المحدد الاجتماعي العلائقي والمتمثل في علاقة الشخص بالغير، وأخيرا للشخص تاريخ أي ماض باعتباره أحد المحددات الوجودية والسيكولوجية عبر زمن يمتد من الماضي وصولا إلى حاضر الشخص.
2- بالنسبة لمفهوم الشخص، فهو ينفتح على ثلاث إشكالات وهي: أكيد أن للشخص هوية، بمعنى ما يكون به الشخص هو هو، بحيث يظل نفس الذات بالرغم من التغيرات التي تطرأ عليه في مختلف مراحل انوحاده . يقول الفارابي: هوية الشيء عينيته وخصوصيته ووجوده المنفرد له. فالماء له هوية واحدة هي h2o مهما تنوعت أشكاله.إذن للشخص هوية أي ما يكون به الشخص هو هو وذلك ضمن جدلية الثابت والمتحول، لكن الإشكال الذي يُناقشه الفلاسفة يتعلق بأساس هذه الهوية. لكن ما الذي يبرر حديثهم عن أساس الهوية؟ألم يقل جون لوك في بداية نصه بالرحاب:"لكي نهتدي إلى ما يُكوّن الهوية الشخصية ؟ (المُكوّن) ألم يتساءل شوبنهاور في نص الرحاب :على ماذا تتوقف هوية الشخص؟" إذن الأشكال الأساسي هو : إذا كانت الهوية هي ما به يكون الشخص وينوجد، فما هو أساس هذه الهوية؟ أو من أين يستمد الشخص هويته؟وهل هذا المُكوّن واحد أم مُتعدد؟ وما الذي يُبرر اختلاف الفلسفة حول أساس الهوية؟ .إذن سيختلف الفلاسفة حول ما هذا الأساس الذي من خلاله تتحدد هوية الشخص. من هذا المنطلق سيرى ديكارت أن هوية الشخص تكمن في كونه:" جوهر مفكّر وطبيعته التفكير...إذن النفس المفكرة هي أساس ما أنا عليه وهي متميزة عن الجسم." إذن الإنسان مزدوج الوجود: عقل وجسد، ولكن هويته تكمن في أنها جوهر يُفكر من دون الاعتماد على الجسد.
لكن عيب هذه الأطروحة يكمن في قولها بالجوهر،،،،، مما يعني أن هوية الشخص متعالية على التاريج والظروف الاجتماعية وبالتالي فهي معطى جاهز لا تتأثر بالزمن أو بالجسد.إذن هل نحن أمام هوية مُغلقة على ذاتهاـ تكفي ذاتها بذاتها،أي أنها هوية واحدية وهو ما يسمى في تاريخ الفلسفة ب: Solipsismeأي الأنا واحدية. ولهذ انتقد هيجل هذا الموقف حين قال بأن الكوجيتو الديكاري المؤسس على أولوية أو جوهرية فعل التفكير الذاتي هو كوجيتو عازل ومُنعزل.
لكن " جون لوك" سيتحدث عن أساس مُغاير لهوية الشخص،وهو يتحدث عن الهوية الشخصية، باعتبارها شعغور الشخص بأن له إنّية هي ذاتها بالرغم من تغيّر الزمان والمكان، فالعينية la mêmeté تتحقق من خلال الذاكرة التي تستحضر جميع أفعال الشخص، وهذا الأخير يعترف من خلال هذه العينية أنه هو ذاته..إن أساس الهوية عند لوك يتشكل في التعالق بين : الشعور أو الوعي بالعينية ، والذاكرة، بالرغم من تماسف distanciation الحاضر مع الماضي.
السؤال ما هي مُستتبعات مفهوم الهوية عند جون لوك والقائم على ، الشعور والذاكرة والعينية؟ يؤكد النقاد أن المسكوت عنه في مفهوم الهوية عند لوك يستدعي البعد القانوني والحقوقي للهوية،بمعى اعتراف الشخص بالأفعال التي تُنسب إليه منذ أن وعى أنه شخص من الماضي إلى الحاضر، عندها سيتحمل الشخص مسؤولية أفعاله ويُحاسب عليها في دولة الحق والقانون.لهذا نفهم في الانتخابات الرئاسية بالغرب، لماذا يبحث ويُفتش الخصوم في تاريخ المترشح كي يجدون نقطة سوداء في تاريخه قد تكون نقطة حقيقة تمنعه من الترشح، ةيدعون أن نفس الشخص الحالي هو الذي ارتكب فعلا لاأخلاقيا أو سيئا من هذا القبيل...إذن العينية أساس هوية الشخص، وترافقه طيلة انوجاده الماضوي والحاضر والمستقبلي.
أما بالنسبة ل" شوبنهاور" ، فسيقترح أساسا آخر غير الذي طرحه ديكارت ولوك، بل انطلاقا من نقده لأساس العقل والذاكرة.يرى هذا الفيلسوف أن أساس هوية الشخص يكمن في " إرادة الحياة"، ويجب لفت الانتباه إلى أن مفهوم الإرادة عند شوبنهاور لا علاقة له بالإرادة المنطقية والعقلية الإرادية، بل مفهومه للإرادة خاص، ويقصد بها الاندفاع الغريزي الأعمى، إنها طاقة وقوّة مستبدة لا نظام لها، والعقل هو مجرّد أداة تتحكم فيه إرادة الحياة كما تشاء، وهذه الإرادة عتده ليست مبدأ بشريا ، بل هي المبدأ الأساسي للكون كله. يقول:"الإرادة هي القوة التي تُنبت النبات...في المغناطيس...في الجاذبية...هذه الإرادة تظهر في كل قوة عمياء للطبيعة، وكذلك في سلوك الإنسان الإرادي."(العالم بوصفه إرادة وتمثلا)
لحد الساعة قدمنا ثلاث نماذج فلسفية/ تطرح أن للهوية الشخصية أساسا ترتكز عليه. وأزعم أنه في الحالات الثلاث هو أساس واحد، لكن ألا يُمكن الحديث مع فرويد بأن هوية الشخص مُركّبة ومعقدة، بالرغم من حديث فرويد عن الشخصية؟ هل يجوز تأويل حديث " قرويد " عن الجهاز النفسي للشخص،بأن هناك مجموعة من المكوّنات المتعالقة والمتصارعة تكوّن هوية الشخص؟ أقصد : الهو، والأنا، والأنا الأعلى، والعالم الخارحي؟ لكن هوية الشخص تتمثل في إحداث الانسجام بين مكونات الجهاز النفسي للشخص، والأنا هو الذي يلعب دور تحقيق الانسجام بين طلبات الهو والأنا الأعلى والعالم الخارجي ؟
بالمحصلة لا وجد لشخص من دون هوية من خلالها يتحدد كإنسان، ثم كشخص، أي ذات واعية ، ثم مسؤولة عن أفعالها.
29 كما ينفتح مفهوم الشخص على إشكال القيمة من خلال محور : الشخص بوصفه قيمة كما سنرى فيما بعد،
3- وأخيرا إشكال الشخص بين الضرورة والحرية.
إذن هل يُمكن القول إن الحديث عن الشخص يستدعي بالضرورة إشكال الهوية والقيمة والحرية.وبالتالي ما مكانة هذه الإشكالات الثلاث داخل مجزوءة الوضع البشري؟ وما طبيعة العلاقة والفرق بين مفهوم الحرية في مجزوءة االوضع البشري ومفهوم الحرية في مجزوءة الآخلاق.؟ وكيف يتحول هذا الشخص إلى ذات عارفة ثم مواطن في دول الحق والقانون؟
أقدم لكم نموذجا من الكتب التجارية، ونفتح نقاشا حول الفرق بين هيكلة التلخيص أعلاه والتلخيص التجاري أدناه
لاحظوا معي هل في النموذج أدناه والخانة المتعلقة بجون لوك، أن التلخيص يفسر بالفعل موقف لوك من الهوية الشخصية؟