فيلوصوفيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
اتصل بنا
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Contac10
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» الأشكلة بين التأصيل النظري والممارسة الديداكتيكية. من إنجاز مولاي إدريس بنشريف ورشيد بلماضية :
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10الثلاثاء نوفمبر 28, 2023 7:07 pm من طرف كمال صدقي

» https://www.mediafire.com/file/k4jy9zqspl88i0j/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A3%25D8%25B4%25D9%2583%25
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10الثلاثاء نوفمبر 28, 2023 4:58 pm من طرف كمال صدقي

» الحق والعدالة.حوار متشعب حول ممكنات جزء من مجزوءة السياسة
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت أبريل 22, 2023 7:31 pm من طرف كمال صدقي

» لماذا يتكرر السؤال ما الفلسفة؟
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت يناير 04, 2020 9:44 pm من طرف كمال صدقي

» عبد المجيد تبون والطبون في المتداول المغربي
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت يناير 04, 2020 9:43 pm من طرف كمال صدقي

»  المعينات البيداغوجية. كنت أكتب على السبورة القاعدة التالية: يبدأ التفلسف حين تفقد الاشياء بداهتها.
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت يناير 04, 2020 9:40 pm من طرف كمال صدقي

» المقبلات الفلسفية.
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت يناير 04, 2020 9:40 pm من طرف كمال صدقي

» هل يجوز تدريس الفلسفة من دون تكوين بيداغوجي وديداكتيكي؟
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت يناير 04, 2020 9:39 pm من طرف كمال صدقي

» نحن في حاجة إلى عملية إعادة البناء في الفلسفة؟
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت يناير 04, 2020 9:38 pm من طرف كمال صدقي

» الغائب الاكبر عن الندوات الفلسفية المقامة في الثانويات التأهيلية هو مشكل البيئة
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10السبت يناير 04, 2020 9:36 pm من طرف كمال صدقي

مواقع صديقة
 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Philo-10
سحابة الكلمات الدلالية
نصوص الفلسفة الدولة التاريخ الوضع السياسة الحقيقة العلوم النظرية قيمة الشخص الحق الطبيعة الرغبة جذاذة البشري الفاعلية مجزوءة الضرورة الطبيعي الشغل معرفة وجود الغير والحرية مفهوم

 

  الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
كمال صدقي
مدير المنتدى
كمال صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 2376
العمر : 68
البلد : أفورار
العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

 الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Empty
مُساهمةموضوع: الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟    الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ Clock10الأحد أكتوبر 14, 2012 1:22 pm

كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟ أو بالأحرى كيف يتعالقا؟
( سفر عبر نصوص فلسفية)
ونحن بصدد مُقاربة مفهوم الإنسان في فصولنا الدراسية،عادة ما نردد البديهية التالية :الإنسان كائن عاقل، ومسؤول عن أفعاله، وبالتالي من شروط انوجاده حيازته للوعي باعتباره فعلا عقليا يروم معرفة وإدراك الموضوعات من خلال تمثلها بواسطة رموز لسانية داخل جماعة لغوية.ولكن فعل تعقيل الموضوعات لمعرفتها، ليس هو الخاصة المُميّزة للشرط الإنساني، بحجة وجود أهواء ورغبات وعواطف...تنجلي من نفس الذات العاقلة،الأمر الذي يطرح سؤال مصدر هذه الأهواء والرغبات مقارنة مع مصدر العقل الذي يسكن مقرّ الدماغ، والإحساس الذي يصدر من الحواس بفعل قوّة الحسّ في إدراكها للمحسوسات،السؤال ما هو موطن الأهواء والعواطف والغرائز...تحديدا ضمن الخريطة الجسدية، وهل بالفعل للقلب علاقة بما هو لاعقلي؟ حتى الترسيمة الطوبوغرافية الفرويدية للجهاز النفسي لا تُخبرنا بنقط التواجد ضمن عالم الجسد المعقّد.وتزداد الحيرة حين نسأل عن طبيعة وجود الروح داخل منظومة الجسد المادي، تاركين أسئلة فلسفية تقليدية إلى حين، من قبيل : كيف يجتمع الضدان في نفس الحيّز: اللامادي والمادي؟ وكيف نفهم ربط عامة الناس بين مواقف سيكولوجية وبعض أعضاء الجسد، من قبيل رمزية " الكبِد" المتعلقة بالحنان أو التحرّق شوقا من قبيل ما تردده الأغاني الشعبية" " الكْبيدا محروقة"...وغير هذا كثير.
السؤال ما موقف الدين والفلسفة والعلم من هذه العلاقة المعقدة بين الجسد والتجليات الروحية اللاحسية؟ وستتعقد القضية مع تطور العلوم البيولوجية مع اكتشاف الخريطة الجينية للإنسان ودورها في تحديد مصير الإنسان..إضافة إلى دور الخلايا الجذعية أيضا في تشكيل ما بهي نوجد الإنسان فكرا وجسدا، وربما المستقبل مفتوح على اكتشافات صادمة، من خلال أبحاث الهندسة الوراثية والتخليق الجيني..
ومن المفارقات أننا في تجاربنا الفصلية، نعرض مواقف للفلاسفة، بخصوص إشكالات محددة، من دون مُساءلة حقيقة هذه المواقف، والوقوف عند حدود المفاهيم واختبار مدى حقيقة وجودها، من قبيل أن هناك حقائق لا يُدركها العقل، وإنما تُدرك بالإيمان!!! مثلا يقول باسكال :" القلب هو الذي يشعر بالله وليس القلب، وهذا هو الإيمان،الله حساس أكثر نحو القلب لا نحو العقل. ( الخواطر . 481).
السؤال ، هل من دور للقلب في انوجاد الشخص في علاقته بذاته وبموضوعات الخارج، كانت ميتافيزيقية أو فيزيائية؟ وما طبيعة علاقته بالعقل، وكليهما بالدماغ؟ بعبارة أخرى ، هل نحن أمام قوى لامادية تسكن الجسد،أم القضية هي باختصار مجرد عمليات آلية ميكانيكية، من قبيل أن الدماغ يُفرز الفكر كما يفرز الكبد المرارة..؟ أم أن العقل هبة من الله تسكن الجسد وتعمل على ترشيده نحو الأفضل؟ مما جعل الرافضين لهذه المسلمة يُماثلونها بقضية الآلة والشبح؟
القلب في لسان العرب،للعلامة ابن منظور،مُضغة من الفؤاد معلّقة بالنيّاط.وقوله تعالى:" نزل به الرّوح الأمين على قلبك."قال الزجاج: معناه نزل به جبريل، عليه السلام، عليك،فوعاه قلبك، وثبت فلا تنساه أبدا. وقد يعبّر بالقلب عن العقل، قال الفراءُ في قوله تعالى:"إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب"،أي عقل. وقال الفراء: وجائز في العربية أن تقول: ما لك قلب، وما قلبك معك،، وأين ذهب عقلك؟ وقال غيره: لمن كان له قلب أي تفهّم وتدبّر. وري عن النبي صلى الله عليه وسلم،أنه قال: أتاكم أهل اليمن، هم أرقّ قلوبا، وألين أفئدة، فوصف القلوب بالرقّة والأفئدة بالّين. وكأن القلب أخصّ من الفؤاد في الاستعمال، ولذلك قالوا: أصبتُ حبّة قلبه، وسويداء قلبه. وقال بعضهم، سمّي القلب قلبا لتقلّبه.وري عن النبي، صلى الله عليه،أنه قال: سبحان مقلّب القلوب، وقال تعالى : ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم:
ونقرأ في المعجم الفلسفي لجميل صليبا،ج 2،القلب في الأصل عضو صنوبري الشكل، يستقبل الدم من الأوردة ويدفعه في الشرايين. وله عند الفلاسفة معان أخرى ، وهي إطلاقه على النفس، أو الروح أو على اللّطيفة الربّانية التي لها بالقلب الجسماني تعلق، وهي حقيقة الإنسان التي يسمّيها الحكماء بالنفس الناطقة أو العقل. ووظيفة العقل عندهم إدراك الحقائق العقلية بطريق الحدس والإلهام، لا بطريق القياس والاستدلال.. وإذا أطلق القلب على مجموع الأحاسيس والعواطف دلّ على معنى مقابل لمعنى العقل...ويُطلق القلب عند البعض على مركز القوة الغضبية...كما يطلق على الشعور بالعطف،أو الحنان أو الرحمة أو المحبة أو غيرها من الأحوال الوجدانية.."
تبدأ القصة فلسفيا مع أفلاطون، الذي فصل النفس عن الجسد، واعتبر النفس سابقة في وجودها على الجسد، حيث كانت في السماء مع الآلهة التي تعلمت منها كل المعارف....ولما هبطت النفس الأرض سكنت الجسد، وهو بمثابة قبرها، فنسيت ما تعلمته رفقة الآلة، من هذا المنطلق نفهم عملية التذكر التي يتحدث عنها أفلاطون من خلال الجدل الصاعد، ومن خلال أمثولة الكهف، بل ونهم سبب تحامل أفلاطون على الجسد في محاورة فيدون، من خلال قوله:"
سقراط:أنظر يا صديقي سيمياس أن أنت تشاطرني الرأي فيما سأقوله سيساعدنا فيما أعتقد على معرفة موضوع نظرنا. هل يبدو لك جديرا بفيلسوف أن يبحث فيما يُسمى ملذات مثل الأكل والشرب؟
-قال سيمياس: كلاّ يا سقراط.
سقراط: وملذات الحبّ ، أيتبغي أن يبحث فيها؟
سيمياس : لا ينبغي بحال من الأحوال.
سقراط: يتبيّن لك إذن عموما أن نشاط هذا الإنسان لا يتصل بالجسد، بل إنه يعرض بالعكس عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وينصرف إلى الاهتمام بالنفس.
سيمياس: ذلك حق.
سقراط: وحين يتعلق الأمر بتحصيل العلم، هل يكون الجسد عائقا أم لا إذا نحن شركناه في هذا البحث؟ لأوضح ذلك بمثال: هل يمكننا البصر والسمع من بلوغ يقين ما أم أنه من الأحرى أن نقول كما لا يفتأ الشعراء يردّدون ذلك إننا لا نسمع ولا نرى شيئا على وجه اليقين. والحال أنه إذا كانت هاتان الحاستان الجسديتان لا تؤديان إلى الدقة واليقين، فما عسى أن يقال عن سائر الحواس الأخرى التي هي أنقص منهما ؟لا أحسبك معرضا لهذا الرأي؟.
فأجاب سيمياس: بل إني أشاطرك رأيك تماما.
سقراط: إذن فمتى تدرك النفس الحقيقة؟ إنها إذا أشركت الجسد فيما تحاول أن تبحث فيه نلاحظ أنه يوقعها في الخطأ.
سيمياس: نعم هذا صحيح.
سقراط:إن النفس تُفكّر أحسن ما يكون التفكير عندما لا يُعكّر صفوها لا السمع ولا البصر ولا الألم ولا اللذة، بل فقط لمّا تعتكف أشد ما يكون الاعتكاف مُتخلصة من الجسد، وقاطعة معه بحسب الإمكان كل معاشرة وكل اتصال سعيا إلى إدراك الواقع...هكذا إذن تزدري نفس الفيلسوف الجسد بعمق وتفرّ منه وتحاول أن تنعزل بذاتها عنه.هل نسلّم ياسيمياس بوجود شيء ما عادل في ذاته أم أنه لا وجود لذلك إطلاقا؟ وهل حدث لك أن رأيت بعينيك هذا الشيء في ذاته؟ إذن هل أدركتُ هذه الأشياء بحاسة أخرى من حواس جسدك؟ أقصد ماهية كل الأشياء الأخرى أي ما هي عليه في حدّ ذاتها. هل ندرك بواسطة الجسد أشدّ ما هو حقيقي فيها؟ أفلا تكون أفضل وسيلة للقيام بذلك هي أن نهتم بكل شيء – قدر الإمكان- بواسطة الفكر وحده خالصا تماما..بعد التخلص قدر الإمكان من اللجوء إلى عينيه وأذنيه أو قل التخلص من جسده كله لأنه يعكّر صفو النفس ولا يسمح لها بالوصول إلى الحقيقة وإلى التعقّل عندما تشركه فيما تقوم به؟"
نفس هذا المنحى نجد عند الفلاسفة العرب المسلمين من قبيل ما قاله الكندي في إحدى رسائله الفلسفية:"إن النفس سائس والبدن مسوس، والنفس باقية والبدن داثر...وإصلاح النفس وإشفاؤها من أسقامها أوجب شديدا علينا من إصلاح أجسامنا فإنا بأنفسنا نخن ما نحن، لا بأجسامنا لأن الجسم مشترك لكلّ ذي جسم...وأنفسنا ذاتية لنا، ومصلحة ذاتنا أوجب علينا من مصلحة الأشياء الغريبة عنا، وأجسامنا آلات لأنفسنا تظهر بها أفعالها، فإصلاح ذواتنا أولى بنا شديدا من إصلاح آلاتنا."(أنا أفكر . تونس)
من هنا بدأت قصة إشكالية ما الإنسان؟ وما أسباب احتقار أحد شروط الوجود الإنساني المتمثلة في الجسد؟ سنحاول قطع المسافة الفلسفية بين هذا النص الأفلاطوني، وبين نص نيتشه التالي، وصولا لنص عالم الأعصاب " شونجو". يقول نيتشه:" يقول الطفل أنا جسد وروح، فلماذا لا يتكلم هؤلاء الناس كالأطفال ؟ أما الإنسان الذي انتبه وأدرك ذاته فهو يقول: إنني بأسري جسد لا غير، وما الروح إلا كلمة أطلقت لتعيين مظهر من مظاهر فعل الجسد. إنك تقول "أنا"، وتنتفخ غرورا بهذه الكلمة، غير أن هناك ما هو أعظم منها وهو جسدك الذي هو أيضا عقلك، وهذا الجسد لا يتبجح بكلمة "أنا" لإنه هو "أنا" مضمر الشخصية الظاهرة... إن الذات أوجدت لنفسها الاحترام والاحتقار كما أوجدت اللذة والألم.إن الجسد المبدع أوجد العقل كساعد يتحرك بإرادته. أيها المستهزؤن بالجسد إن ذاتكم أصبحت تتوق للزوال، وهذا العجز هو الذي ولد فيكم النقمة على الحياة والأرض، وهاهي تتجلى في شهوة لحظاتكم المنحرفة دون أن تعلموا.(هكذا تكلم زرادشت) ، بل سيصل الأمر إلى حدّ منظورية ميكانيكية مُتطرفة تُلغي أيّ وجود ميتافيزيقي لما يُتقد أنه روحي : وعي ، عقل،تفكير...يقول جون بيير شونجو:"..من الطبيعي ، بالنسبة لي وباعتباري عالما بيولوجيا الأعصاب،أن أعتبر كل نشاط عقلي، كيفما كان، سواء كان تفكيرا أو اتخاذ لقرار، أو شعورا أو وعيا بالذات، عبارة عن نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، بحيث تكون خلايا عصبية محددة هي التي تستجيب أولا، لمنبهات خارجية،وقد أذهب أبعد من هذا ، فأقول: ليس النشاط العقلي سوى النشاط العصبي... ومن ثمة تؤكد العديد من الأبحاث والتجارب على الطابع المادي للصور العقلية.".
إذن هل من الممكن التخلص من الإرث الأفلاطوني، وإعادة النظر في ما يحمله الجسد من حقائق من حق المفكرين إنصافها من خلال جدلية ممكنة بحجة تطور العلوم البيولوجية ، وإعادة النظر في الموروث الفلسفي والعلمي التقليدي، في أفق إعادة طرح السؤال : ما الإنسان؟ والبحث عن الجواب في الإبستيمي الحالي باعتباره أفضل ممكن يمدّنا بما هو الأنسان، مع العلم أن بوادر هذا الممكن نجده في اجتهادات الفيلسوف إدجار موران القائل:" أن نقول إن الإنسان كائن بيو- ثقافي، ليس معناه فقط المجاورة بين هذين اللفظين، بل إبراز أنهما كلاهما يتعاونان في إنتاج بعضهما البعض، وأنهما يفتحان الطريق أمام قضية ثنائية: كل فعل إنساني هو فعل بيوثقافي ( الأكل، الشرب، النوم، التفريغ، الارتباط بشخص آخر، التفكير أو التأويل). وكل فعل إنساني هو في نقس الوقت فعل بيولوجي كلية وفعل ثقافي كلية... بخصوص الفعل لبيولوجي كلية نذكّر بأنه لا وجود لسمة تخص الإنسان بالضبط ليس لها مصدر بيولوجي. فنحن جميعا نحمل معنا إرث ماضينا " الحيواني" سواء في لعبنا أو في مُتعنا أو في بحثنا... أما أن الإنسان كائن ثقافي كلية... فيجب القول إن الأفعال الأكثر بيولوجية هي أيضا الأفعال التي تتسم بسمة الثقافة، كالموت والميلاد والزواج. فالأسرة مثلا، إن كانت نواة لإعادة الإنتاج البيولوجي، فهي في نفس الوقت نفسه مُدونة ثقافية تتشكل فيها تربيتنا... ويمكن القول بأن فكرة الطبيعة نفسها هي حصيلة ثقافة متطورة بوجه خاص...لقد كانت هناك دوما تصورات عن الطبيعة تنتمي إما إلى اليمين أو إلى اليسار من الناحية السياسية. فالتصورات المختلفة عن الطبيعة تدخل ضمن لعبة الصراعات الاجتماعية... .Fayaed.1980 Edgar Morin.L’individualité de l’homme
وفي نفس الاتجاه ذهب موريس غودولييه إلى القول:" إن الحدود بين الطبيعة والثقافة، والتمييز بين ما هو مادي وما هو فكري تميل إلى الانمحاء عندما نحلل القسم من الطبيعة الذي هو خاضع مباشرة للإنسان، مُنتج أو مُعاد إنتاجه من طرف الإنسان ( الأدوات والأسلحة واللباس...) هذه الطبيعة التي هي خارجية بالنسبة للإنسان ليست خارجية بالنسبة للثقافة والمجتمع والتاريخ.، فهي ذلك الجزء من الطبيعة الذي تمّ تحويله بواسطة الفعل الإنساني وفكره.إن هذا القسم واقع مادي وواقع فكري في نفس الوقت، أو على الأقل فهو مدين في وجوده للفعل الواعي الذي يقوم به الإنسان في الطبيعة.وهذا الجزء من الطبيعة هو الطبيعة المُمتلكة والمؤنسنة، أي التي أصبحت مجتمعا، أو التاريخ مُسجّلا في الطبيعة. موريس غودولييه. الفكرة والواقع. 1984. z 13
ولكن بين أفلاطون وشونجو ، أي بين المقاربة الفلسفية وما توصل إليه العلم الحديث من خلال بيولوجيا الأعصاب ومختلف أبحاث بيولوجيا السلوك المتعلقة بدور الجينات في تحديد كثير من السلوكات، حاول بعض الفلاسفة تلمّس طبيعة العلاقة المعقدة بين الجسد (ومختلف أعضائه) والعقل أو النفس.، فإذا كان ديكارت قد فصل بين العقل المُفكر وبين الجسد ، من خلال اعترافه التالي:" " ماذا كنت أظنني من قبل؟كنت أظنني إنسانا بلا شك ، ولكن ما الإنسان؟.. أنا واجد أن الفكر هو الصفة التي تخصني ، وأنه وحده لا ينفصل عني.. أنا كائن، وأنا موجود: هذا أمر يقيني، ولكن إلى متى؟ أنا موجود ما دمت أفكر، فقد يحصل أني متى انقطعت عن التفكير تماما انقطعت عن الوجود بتاتا. ولكن أي شيء أنا إذن؟ أنا" شيء مفكر". وما الشيء المفكر ؟... فالتفكير ليس سوى وعيي المباشر (حدس) بنفسي ... إنه شيء يشك ويتصور ويثبت وينفي ويتخيل ويحس أيضا... لقد عرفت أني جوهر ذاته وطبيعته التفكير، ولا يحتاج في وجوده إلى مكان ولا يخضع لشيء مادي ...وعلى هذه الصورة " الأنا" أو "النفس" التي هي أساس ما أنا عليه متميزة تمام التمييز عن الجسم."..أنا أفكر إذن أنا موجود (. التأملات) فإن إسبينوزا يُناقش هذه العلاقة بطريقة تكشف عن مدى صعوبة الحسم في هذه العلاقة في تجلياتها الفلسفية المختلفة: إلغاء دور الجسد لحساب النفس،أو إلغاء استقلالية النفس لحساب الجسد (لغة الصفحة البضاء) أو القول بالعلاقة الجدلية التفاعلية...) يقول إسبينوزا في نص أساسي وبطريقة مدهشة من كتابه الأخلاق. الكتاب 3 :"إن النفس والجسد شيئا واحد، تارة نتصوره بصفة الفكر وطورا بصفة الامتداد ممّا يجعل نظام الأشياء أو ترابطها هو الأمر نفسه سواء أكانت الطبيعة متصوّرة على هذا النحو أو ذاك. مما يترتب عنه أن نظام أفعال الجسد وأهوائه تتوافق بالطبع مع نظام أفعال النفس وأهوائها...وبالرغم من أن طبيعة الأشياء لا تسمح بأي شك في هذا الشأن فإنني أحسب مع ذلك أن البشر، ما لم نمدّهم بتأكيد تجريبي لهذه الحقيقة، فإنهم سيجدون صعوبة في قبول تقليب هذا الأمر بعقل غير مُتحيّز لشدّة اقتناعهم بأن الجسد يتحرّك تارة وطورا يكفّ عن الحركة بأمر من النفس وحدها، ويأتي أفعالا عديدة أخرى متوقفة على إرادة النفس وحدها وعلى طريقتها في التفكير.فلا أحد إلى الآن – والحق يُقال- قد بيّن ما يستطيع الجسد فعله أي أن التجربة لم تعلّم أحدا إلى اليوم ما يمكن للجسد بواسطة قوانين طبيعته وحدها، منظورا إليها بما هي جسمية فحسب، أن يفعله وما لا يمكن له أن يفعله إلا ما كان محددا من قبل النفس. وبالفعل فإنه لا يعرف أحد تركيبة الجسد بقدر كبير من الدقة بحيث يمكن له أن يفسّر كل وظائفه، دون أن نفصّل الرأي هنا في ما نلاحظه عديد المرات في الدواب ممّا يتجاوز الفطنة البشريّة على نحو كبير أو ما يفعله غالب الأحيان- النائم الماشي- ممّا لا يجرؤ عليه في يقظته. إن ذلك ليُبيّن بما فيه الكفاية أن الجسد يستطيع بواسطة قوانين طبيعته وحدها القيام بأشياء كثيرة تحمل النفس على الدهشة، ولا أحد يعرف كذلك كيف تحرك النفس الجسد، ولا أية درجة من الحركة تستطيع أن تحدث فيه، ولا بأي سرعة يمكن لها تحريكه.فيترتب عن ذلك أن اللذين يقولون إن هذا الفعل أو ذاك من أفعال الجسد متأتّ من النفس التي لا نفوذ كبير عليه، إنما يقولون ما لا يعلمون، وليس لهم من سبيل سوى الاعتراف، في لغة مموّهة،بجهلهم للعلّة الحقّ لفعل ى يُثير لديهم أية دهشة.بيد أنه قد يًقال إننا، سواء أعرفنا بأية وسائل تحرّك النفس الجسد أم لم نعرف ذلك، فإننا مع ذلك،على بيّنة بواسطة التجربة أن الجسد سيكون عاطلا لو كانت النفس قاصرة عن التفكير. ونحن نعرف بالتجربة أنه في مقدور النفس كذلك أن تتكلم أو أن تصمُتَ وأشياء أخرى نظنها بعدئذ خاضعة لأمر النفس.
فأما ما يتعلق بالحجة الأولى فإني أطلب من اللذين يعتمدون التجربة ما إذا لم تكن هذه التجربة تفيد أيضا أنه إذا كان الجسد من ناحيته ساكنا، فإن النفس في ذات الوقت تكون قاصرة عن التفكير، فحينما ينقاد الجسد إلى الراحة في النوم فإن النفس تبقى فعلا نائمة بنومه وليست لها قوة التفكير التي لها أثناء اليقظة، ويعرف الجميع بالتجربة أيضا فيما أعتقد أن النفس ليس بوسعها دوما التفكير بنفس القدر في الموضوع الواحد، وأنه بحسب استعداد الجسد لاستيقاظ صورة هذا الموضوع أو ذاك تكون النفس أكثر استعدادا لاعتبار هذا الموضوع أو ذاك..
أما عن الحجة الثانية، فمن المؤكد أن شؤون البشر ستكون طبعا في حال أفضل لو كان باستطاعتهم أيضا الصمت أو الكلام على حدّ سواء.بيد أنه، وقد بيّنت التجربة ذلك بيانا مستفيضا،أن لاشيء أصعب على البشر من التحكّم في ألسنتهم وليس أمرا يقصّرون فيه قدر تقصيرهم في السيطرة على نوازعهم، ولذلك يعتقد أغلب الناس أن حرية الفعل لدينا موجودة فحسب فيما يتعلق بالأشياء التي نميل إليها بعض الميل لأنه من الهين علينا إخضاع النزوع بتذكّر شيء آخر كثيرا ما نستحضره في حين أننا لسنا أحرارا إطلاقا فيما نميل إليه...وإذا كانوا مع ذلك لا يعلمون بالتجربة أننا ندم في عديد المرات على ما قمنا به من أفعال، وأنا في الغالب ، عندما تتغلّب علينا انفعالات متعارضة ندرك الأفضل ونأتي الأرذل، فلا شيء يمنعهم عندئذ من الاعتقاد أن كل أفعالنا حرّة. وهكذا يظن الرضيع أنه يشتهي الحليب بكل حرية... والجبان يريد الفرار، كذلك يظن المخمور أن ما يقوله قرار حرّ صادر عن النفس في حين أنه يودّ، في حال تخلّصه من تأثير الخمر عليه، أن لا يتفوّه بما كان قد تفوّه به... تبيّن التجربة إذن بالقدر نفسه الذي يبيّنه العقل أن البشر يعتقدون أنهم أحرارا، لهذا السبب الوحيد المتمثل في أنهم واعون بأفعالهم وجاهلون بالعلل التي تتحكّم فيها،وأن أوامر النفس ليست شيئا آخر سوى النوازع ذاتها، وهي تتغيّر بالتالي بحسب الاستعداد المتغير للجسد."

للموضوع تتمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo.forumarabia.com
 
الجسد:كيف للمادي أن يُفرز اللامادي؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تعالق المادي مع اللامادي.
» الجسد بين الأخلاق والفن.
» الجسد العاري بين المعنى واللامعنى.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فيلوصوفيا :: الفلسفة :: مشاريع دروس فلسفية من إنجاز الأستاذ كمال صدقي-
انتقل الى: