معضلة القراءة بين الممكن والمستحيل

تحية للأستاذ العزيز كمال وأشكرك على مجهوداتك. أما مشكلة القراءة فهي قديمة ومزمنة وهذا موضوع يحتاج إلى منتديات من أجل مناقشته .
دمت في خدمة الفكر الفلسفي الأصيل.
مستقيم

أشكرك الأستاذ الفاضل مستقيم أولا على اهتمامك الدائم بالاطلاع على هذا المنتدى يوميا، وثانيا على ردك المختصر والقيم بخصوص مشكلة القراءة. لكني لا أتفق معك فيما يتعلق بكون المشكلة قديمة ومزمنة، حتى لا نبرر مشروعية العزوف عن قراءة الكتب تحديدا ، وخاصة بالنسبة لرجال ونساء التعليم، لأن القراءة ليست ترفا فكريا أو اختيارا شخصيا، بل القراءة ضرورة عقلية كضرورة الطعام للجسم. فمن يُضرب عن الطعام يضر بجسمه حتى الفناء، ومن يضرب أو بالأحرى يعزف عن القراءة يضر بعقله حتى الجهل، وفي درجات من الجهل تعطيل للتفكير، ومن ثمة الانسحاب من مملكة الإنسان. سأحكي لك واقعة أثرت في نفسي. لقد سأل أحد الصحافيين سفيرا من الدانمارك، بعد أن أعفته الملكة بسبب تقدمه في السن (83 عاما )، عن ما الذي سيقعله بعد كل هذه السنين. وكان الجواب: الآن يمكنني أن أقرأ الكتب التي لم أتمكن من قراءتها بعد.
من الأفكار الرائجة- وهي في نظري من الخطورة بمكان - أنني حين أعرض على البعض كتبا إلكترونية لم يعد لها وجود في السوق التجارية، يتحجج بكون قراءة كتاب إلكتروني مرهقة، ويفضل حيازة كتاب في شكله الأصلي. وأنا أعلم أن البعض منهم " يُشاطي" طيلة الليل في مواضيع أقل ما يقال عنها أنها لا تستحق إعدام الوقت من أجل رغبة لم تجد لها متنفسا في الماضي.وصدق من فال الوقت كالسبف إن لم....
المشكلة با أستاذي العزير مستقيم هي مشكلة ثقافيةـ تتعلق بعقلية لم أعد أفهم مبرر وجودها، في الوقت الذي يصنع فيه الآخر المتقدم ركائز الحضارة، نصنع نحن جهلنا المركب ونتقدم في تطوير أساليب إدامة جهلنا، ومع الأسف باختيارنا. سأخبرك بواقعة أخرى، لكي يتنبن لنا مدى حقارة أغلبنا بمحض إرادتنا:
1- حينما أتجول في الأسواق التي يشارك فيها تجار من الصين أو كوريا، لا يمكن أن تجد أحدا من هؤلاء لا يحمل كتابا يقرأه، في حين تجد تجارنا المغاربة يقرأون بعيونهم أجساد الفتيات ومفاتنهن الرقيقة والمغلظة.. ويستعمون إلى أغاني العيطة: دردك وعاد زيد دردك.
2- ربما أخي مستقيم شاهدت مثلي في نشرة الأخبار للقناة الثانية، أحد العمال من أوكرانيا قطعت ذراعه في أحد البواخر، وقام أطباء مغارية جراحون بإعادة ذراعة.. ما لفت انتياهي وهو في عز الشعور بالألم بعد العملية الجراحية في المستشفى،يحمل كتابا بيده الأخرى يقرأه في الوقت الذي يُسائله أحد الصحافيين المغارية.حتى في مثل هذه الظروف تحضر القراءة عندهم. السؤال من هم ومن نحن؟
3- سأخبرك بواقعة أكثر ألما وتحز في نفسي وربما سبق لك أن عاينتها مرارا.حين نصطف كل الموظفين أمام الشباك البنكي العادي أو الأتوماتيكي،أو في لحظة انتظار أداء فاتورة الهاتف أو الانترنيت أو الكهربا أو الماء.. لا تجد أحدا منهم يحمل كتابا بقرأه حتى تصل " نوبته "!! الكل تائه في داخل ذاته، أو عرضة لاستلاب " التبركيك "، يقتل الوقت كما يقال مجانا.
لقد تنبهت بعض دور النشر وأبدعت كتيب الجيب،وبثمن رمزي، ومضامين غاية في الأهمية المعرفية والمنهجية، لعل الناس لا يتدرعون بجحم الكتاب أو بندرته، ومع ذلك بقيت حليمة على عادتها.
ما سبب هذه الظاهرة؟ نعم قد أتفق معك أنها موجودة، لكن قد نختلف في درجة وجودها. الآن يأستاذي العزيز مستقيم، العزوف عن القراءة أصبح يشكل كارثة قد تصل إلى حد الإجرام في حق الذات. وأحلم بأن يحاكم من لا يقرأ كتابا في الأسبوع، لأنه سيشكل خطرا على ذاته وعلى الآخرين، وما بالك أن يكون من شيع اللاقارئين هيئة التعليم.لقد كنا في السبعينات نتسابق في قراءة المجلات الدورية: المقدمة، جسور، الثقافة الجديدة، آفاق أدبية، دراسات عربية، الطريق ثم أبحاث.. وغيرها من المجلات العرافية الرخيصة الثمن...إضافة إلى مختلف الكتب....ربما " إبستمينا" آنذاك كان يسمح بشغف المطالعة ( كم كنا نتباهى في مرحلة الثانوية بقراءة روايات نجيب محفوظ، بل والعمل على تحويلها إلى مسرحيات مثل اللص والكلاب.
وسأبوح لك بحقيقة ربما تقلق البعض. إن من رغّب فينا حب القراءة هم أساتذتنا المغاربة آنذاك ولكن بالخصوص المدرسون الفرنسيون كان لهم الفضل في تربيتنا على حب وضرورة مطالعة الكتب.المدرسون الفرنسيون أحفاد ديكارت وسارتر، لعبوا دورا أساسيا في تربيتنا ليس على القراءة وحدها، بل على ثقافة النوادي السنيمائية، حيث المناقشة والتحليل الفني والتقني للأفلام و..و..و.
ماذا يوجد الآن مقارنة مع الماضي القريب؟ أنا لست من القائلين أن الفرنسيين خدموا المغرب، وبعد رحيلهم خرّب المغاربة ما بناه الفرنسيون على المستوى التربوي والمعاملة واحترام المواعيد والتفاني في العمل والتنظيم العقلاني لحياتهم اليومية ( ليس كلهم، هناك استثناءات)..وأن المغاربة فاسدون وانتهازيون ونفعيون... هذه قد تكون أحكاما جاهزة، وقد تسقطنا في العدمية ورفض أي إيجابيات قد تصدر منا بسسب طغيان الفساد واللامعقول، ولكنها قد تحمل بعض الحقيقة.
قد يعترض البعض بأن فعل القراءة ليس بالضرورة أن يحصل في الشارع، أي المكان العمومي. قد يقرأ الناس ولا أحد يعلم بقراءتهم.ففعل القراءة يحتاج إلى التركيز وفي بعض الأحيان إلى تدوين وتلخيص ما تمت قراءته، والشارع لا يسمح يهذا. نعم هذا اعتراض منطقي. ولكن هذا لا يشفع لمن يزعم أنه يقرأ في البيت، استغلال وقت الفراغ أو لحظة الانتظار بالمطالعة، وليس بالضرور أن يكون كتابا، قد يكون مجلة أو جريدة، أو دورية فنية أو سنيمائية...فالمسكون بفعل القراءة لا يميز بين الداخل والخارج ( المنزل والشارع)لأن القراءة في لحظة الانتظار دليل على الاقتناع بفعل القراءة. فالناس يأكلون في البيت وفي الشلرع، فلماذا لا نقرأ في الشارع؟
فالفضية هي قضية عقلية وليست طبيعة فينا. وأختم بملاحظة تنصف الآخر المتقدم الذي أصبحت القراءة جزا من حياته اليومية: لا تجد " نصارنيا " في القطار أو المحطة أو على شاطئ البحر أو في حالة انتظار... ولا يحمل كتابا يقرأه. السؤال هل صعب لهذه الدرجة على هيئة التعليم بالخصوص أن تفعل الشيء نفسه، لا كتقليد بل كواجب. من واجبنا القراءة بحكم مهنتنا ، ومن يعتبر التعليم يقف عند الشهادة التي حصل عليها وخولت له التدريس، فهو واهم، لأن التدريس ليس بيع أوهام بل التعليم بناء عقول، ومن عدم الوسيلة عدم الهدف. فهل المشكلة فينا من جهة أنها مشكلة تربية لا غير.السؤال متى نطمئن إلى ( أو على ) أننا لا نفرأ بحكم أنها مشكلة قديمة ومزمنة؟
ما العمل؟ لقد آن الأوان للتفكير الجدي في هذه المشكلة. وقد كان الرها من هذا المنتدى هو تحبيب القراءة للأعضاء وخاصة من حلال ركن: فصل من كتاب، أوركن المؤلفات العربية والفرنسية، ولدي المزيد بالرغم من عومل الفشل واليأس. فمتى كانت القراءة حاضرة، فمن الواجب الاستمرار.
أستاذ مستقيم شكرا لك وأتمنى مساهماتك في هذا المنتدى.

صباح الخير أيها الصديق
أشكرك على ردك الغني والمفيد بخصوص القراءة ، لن اعيد ماقلت حول عادة القراءة عند الشعوب الأخرى والقراءة في كل مكان كما نشاهدها في المجتمعات الغربية . ولكن سأحكي لك تجاربي في النضال من أجل هذه العادة في الوسط الذي اعيش فيه أي الوسط التعليمي. سبق لي أن نظمت أسابيع كنت اسميها : تبرع بكتاب لتقرأ ألف كتاب لصالح مكتبة المؤسسة فيكون إقبال التلاميذ وبعض الآباء لافتا ولاتجد أهل المهنة يلتفتون ولاحتى يضحون بداقئق من أجل الحضور الرومزي أمام التلاميذ وأقصد الأساتذة ، فكيف تريد من تلميذ أن ينمي حاسة القارءة من خلال أنشطة وعندما يحضر يلتفت وراءه ولايجد أستاذه الذي يدرسه أنشطة القراءة والقراءة المنهجية ..ألخ
نظمت نادي للقراءة وجدت نفسي أمام مجموعة من التلاميذ ووجهت دعوات للزملاء للمشاركة ولازلت أقوم بذلك صبحة الناظر الذي يقرأ ولايقرأ الأستاذ.
نظمت رحلات للمعرض الدولي للكتاب وكا يساعدني الناظر وحارس المؤسسة ولآخرون يعلقون تعليقاتهم الذي عفى عنها الزمن.
صدقنى مرة سخر مني زميل عندما وجدني في محطة القطار وسألني عن سب سفري إلى الرباط فقلت له بان هناك منشورات جديدة معروضة باحد مكتبات العاصمة وهي ترجمات المجلس القومي للثقفاة في مصر وقلت له بان هناك ترجمات مهمة في مجال الفلسفة. فأجابني : باركا من القوالب-أعتذر عن هذا الأسلوب- الذي رويته فقط-
والأمثلة كثيرة ولكن كما قلت اخي هذا ليس سببا لأن نتخلى عن مهمتنها النبيلة فنحن رجال التعليم مرتبطون بالكتاب وبالقراءة وهذا هخو مصيرنا واختيارنا الوجودي الذي اخترناه. وشكرا
سلم لي على الإخوان بافورار ما أخبار الأستاذ زهير؟

أشكر الأساتذة الأفاضل مستقيم والحجاج 2 على مشاركتهما القيمة ، ويسعدني ويشرفني أنكما تحملان نفس الهم الذي نتشارك فيه هو الدفاع عن مهنتنا النبيلة. لقد سبهنا أحد الجنود المتقاعدين كوننا مثل الجندي في مواجهة العدو، ومتى تخلى الجندي عن سلاحه كان ضحية مكشوفة للعدو.
فمتى نفهم أن سلاحنا هو يقظتنا الفكرية.وتذكرت قول الشاعر الكبير محمود درويش: أنا لست جنيا كما يطلب مني، فسلاحي كلمة.. فإذا كان الجندي يشحذ سلاحه بالدخيرة الحية، والعزيمة في القتال، فإن شحذ اليقظة الفكرية ( العقل ) يتم يالقراءة ثم الرغبة في القراءة، وبدون القراءة المستمرة ( الوظيفية المرتبطة بالفصل، والقراءة من أجل الارتقاء المعرفي، والقراءة من أجل الاستمرار في الوجود) فسنكون عرضة لأخطر عدو، وهو التأخر retard عن المواكبة، ولعمري تُقلقني أسطورة : رجع بخفي حنين. قول الحقيقة أمر صعب، وخاصة حين تطفو الأنانية والمصلحة على النقد الذاتي، حتى ولو كان قول الحقيقة مُضرّ لهيئة التعليم، حيث مازال البعض يعتقد أن رجال ونساء التعليم مُنزهون عن النقد والنقد الذاتي. فهل من الخطأ الاعتراف بعيوبنا- لا أقصد نشر الغسيل على الملأ- بل بشكل حضاري وموضوعي على شاكلة المعارك الفكرية بين الفلاسفة والأدباء والفنانين المحترمين.
أشكركما الأساتذة مستقيم والحجاج 2 على جرأتكما وصراحتكما وأرجو أن تكون مثالا لمن يُخبأ رأسه في الرمال.لم نعتد بعد على ثقافة البوح والمكاشفة لأن معظمنا سجين ظنون الكهف. فمتى نرقى إلى حيث ضوء الشمس، حيث الأشياء على حقيقتها، لا كما تظهر لنا من خلال أوهام البعض منا.ومن المسكوت عنه، أصبح السؤال كم لدي من تلميذ في الساعات الإضافية وليس كم قرأت من كتاب. وبالبنتيجة بدل التساؤل عن رصيدي المعرفي ( وهو هويتي بحكم مهنتي ) أصبح التساؤل عن رصيدي البنكي. والله إنها لأم المفارقات. ولقد الهمذاني حين قال: هذا زمان مشؤوم، الحمق فيه مليح والعقل عيب...
أخي مستقيم، لقد انتقل الأستاذ إبراهيم زهير إلى مراكش منذ ما يزيد عن خمس سنوات. وتجمعني بالأستاذ زهير أحلى اللحظات، سواء في مجال الفلسفة أو النقابة أو العمل الحزبي... منذ أن انتقل لم أسمع عن أخباره شيئا، وأتمنى أن يصادف هذا المنتدى ويكون من المشاركين.

المكاشفة والبوح شيئان ضروريان في حياتنا حتى لو مس الجسد التعليمي فالحقيقة قبل كل شيء .ألم يقل كانط بأن قول الحقيقة هو واجب أخلاقي؟ عندما قرات كلامك عن المتقاعد الذي شرع في القراءة تألمت كثيرا لأنني أعرف زملاء باعوا مالديهم من كتب قليلة بعدما (أخذوا)المغادرة الطوعية ومنهم أساتذة الفلسفة. وقد آلمني أكثر عندما سألت بائع الكتب بالجوطية عن ثمن كتاب :"نقد العقل الخاص لكانط" بالفرنسية وأجابني 15 درهما وتساألت بكم اشترى صاحبنا هذه النسخة النادرة من الأستاذ الذي غادر طوعا عالم القراءة ؟؟

تشجيعا للقراءة وتعميما للفائدة نقترح الموسوعات الفلسفية التالية:

دليل أكسفورد للفلسفة 1
http://www.4shared.com/file/87960722/3680160d/________1____.html

دليل أكسفورد للفلسفة 2

http://www.4shared.com/file/87987909/bb1d06d5/_______2____.html

دليل اكسفورد للفلسفة 3

http://www.4shared.com/file/88665435/83793eb8/_______3____.html


فؤاد كامل، زكي نجيب، الموسوعة الفلسفية المختصرة


http://www.4shared.com/file/81921239/906ec8b0/______.html