كمال صدقي مدير المنتدى
عدد الرسائل : 2410 العمر : 69 البلد : أفورار العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي تاريخ التسجيل : 20/12/2007
| موضوع: بعض مقتضيات الإنشاء الفلسفي في الثانوي التأهيلي الحلقة الثانية. الإثنين يونيو 24, 2024 12:39 pm | |
| بعض مقتضيات الإنشاء الفلسفي في الثانوي التأهيلي الحلقة الثانية. أقترح التفكير في قضيتين متلازمتين يمكن تبسيطها بحسب قدرة المتعلمين على الكتابة الإنشائية، من أجل الاستئناس والتدرب طيلة السنة الدراسية.القضية الأولى متعلقة يتصور هنري بنا رويز بخصوص مراحل الاشتغال القبلي على السؤال المفتوح.والقضية الثانية متعلقة بمدى توظيف الدراسة المنظمة في تفسير نص فلسفي كما في بناء إنشاء فلسفي في حدود استطاعة المتعلمين،علما أن الدراسة المنظمة وضعت لتفسير نص فلسفي.اقترح هنري بنا رويز في دراسة حول السؤال المفتوح ،أن يفكر المترشح في ثلاث خطوات أساسية:1- تحديد رهان السؤال: إن الاشتغال على إبراز رهان التفكير ونوع الإشكالات المتضمنة في السؤال، يساعد على تلمس المقدمات الضرورية للتفكير في ما يطلبه منا السؤال المفتوح. وتحديد الرهان مرتبط بطريقة تشكّل مفاهيم السؤال. مثال:*- هل للتجربة وحدها دور في بناء النظرية؟لفهم رهان السؤال، نحذف كلمة وحدها، لتصبح صيغة السؤال كالتالي : هل للتجربة دور في بناء النظرية؟ يبدو أن رهان السؤالين مختلف، بحيث تراهن صيغة السؤال الأول على نفي التخصيص ، لهذا جاءت الصيغة مشابهة لصيغة سؤال استنكاري، يرفض اعتبار أن التجربة وحدها هي التي تؤسس للنظرية، وبالتالي يراهن على أن شيئا آخر بالإضافة للتجربة له أيضا دور في بناء النظرية، ومن ثمة يستحسن قراءة (هل) ب(وحدها) لأن في تعالقهما يتحدد رهان السؤال.أما الصيغة الثانية، فالرهان مختلف، بالقول: نعم. لكن في الصيغة الأولى الرهان هو لا.لكن يجب التذكير أننا نحن الذين نكتب الإنشاء الفلسفي المعنيين بالإجابة والمناقشة والمقارنة،إذ سيختلف الأمر لو طرح السؤال على نيوتن ممثل الموقف الاختباري، وإنشتاين ممثل الموقف العقلاني التطبيقي ، سيجيب الأول بنعم، والثاني بلا بخصوص الصيغة الأولى. كما سيجيب نيوتن بخصوص الصيغة الثانية بنعم، بينما سيتحفظ إنشتاين لأنه متيقن بأن النظرية العلمية تكون صحيحة أكسيوميا دونما حاجة للتجربةالتي تعتبر تحصيل حاصل، مادامت صحة النظرية تستمد من العقل الرياضي لا من التجربة. مع الإشارة إلى اختلاف إشكالية نيوتن عن إشكالية ومجال اشتغال إنشتاين لهذا يجب الانتباه إلى طريقة تشكّل المفاهيم المكونة للسؤال.2- لحظة تحديد مبررات طرح السؤال: إن المفاهيم المكونة للسؤال المفتوح لا قيمة لها في ذاتها( كما يقول هنري بينا رويز في مقال له étude d'une question ، وإنما في الطريقة التي تتشكل بها تلك المفاهيم، و التي تؤثر على نوع المقاربة للإشكالية المطروحة والتي يروم السؤال دفع المترشح إلى التفكير فيها. من هذا المنطلق يجب أن نتساءل عن ما الذي يستدعي ويبرر طرح السؤال كما هو مطروح؟ فبدون مبرر لا معنى لوجود السؤال، لأن البحث عن المبرر يؤسس لمصداقية السؤال الفلسفية، وفي غياب المبرر يصبح السؤال مجرد استفهام نستفهم به عن مضمون الجملة.مثال:- هل تم استدعاء الآباء للاجتماع؟- هل انهزم الفريق الوطني لكرة القدم في مباراته؟- هل محطة البنزين مقفلة اليوم؟هذه مجرد أسئلة استفهامية، وليست أسئلة إشكالية، وبالتالي لا تحتاج لحظة الإجابة عنها إلا بنعم أو لا، من دون تبرير الإجابة، لأن المجيب يصف معطى واقعيا هو في أساس وجوده الزيادة في التأكّد من الشيء ، لا في تحويله إلى قضية للتفكير ، هنا يختلف السؤال المفتوح الإشكالي عن السؤال الاستفهامي اليومي. فالسؤال الإشكالي يُبنى من خلال وجود مشكلة يصعب الحسم فيها بدون إخضاعها للفحص والتحليل والمناقشة واستدعاء مختلف المنظورات والأطروحات... في أفق إيجاد حل ممكن للمشكل المطروح.من هنا يستمد السؤال المفتوح مبرر طرحه، أي دعوته للتفكير وإعمال العقل في مشكل يفترضه السؤال المفتوح. مثال: من أين تستمد نظرية علمية ما صلاحيتها ؟ إن مبرر طرح السؤال، نابع من كيفية بناء النظرية العلمية، بمعنى هل يكفي بناؤها عقليا أم ينبغي إثباتها؟ إذا كان البناء عقليا فما هو دور التجربة؟ وإن وجب إثباتهافبأية وسيلة؟ وبالتالي هل هذه الصلاحية تستمد من العقل أم من التجربة؟ بالمحصلة يتعالق مبرر طرح السؤال بهويته الإشكالية، وبدونها لا يعتبر سؤالا إشكاليا. لهذا فالبحث عن المبرر، هو في الحقيقة لحظة أولية من البحث عن الإشكالات الممكنة أو المحتملة في السؤال. بل في بعض الأحيان على المترشح أن يعمل هو نفسه على أشكلة السؤال، من خلال البحث عن مبررات طرح السؤاللحظة المسكوت عنه في السؤال: هناك قاعدة لسانية تقول: كلّ قول يُصرّح بشيء، ويسكت عن أشياء. Non dit. فالسؤال الإشكالي المفتوح هو أيضا يُصرّح في ظاهره بشيء ويسكت عن أشياء، على المترشح أن يستجليها من خلال قراءة تشخيصية لطريقة انبناء مفاهيم السؤال، وذلك من خلال الاستعانة بما توصل إليه في اللحظتين السابقتين: الرهان والمبررات. هل المعرفة الموضوعية للظاهرة الإنسانية ممكنة؟المسكوت عنه في السؤال هو الخلاف بين موقفين متعارضين، لا يصرّح بهماالسؤال.موقف يرى إمكانية الموضعة( دوركايم، أوكست كونت...) وآخر يرى صعوبة تحققها( بياجي، جون مونرو ) لكن الرهان هو أنها غير ممكنة، فلو كانت ممكنة لما طُرح السؤال، وسيكون طرحه من باب تحصيل الحاصل ما دامت ممكنة، وليس من باب التفكير في ما تخلقه الموضعة من مشاكل ، كصعوبة الفصل بين الذات والموضوع، ومشكلة تشييئ الإنسان، وهذا هو ما يراهن عليه السؤال. أما مبرر طرح السؤال فهو أن الموضعة ممكنة في العلوم الطبيعية المادية، ولكن حين يتعلق الأمر بالإنسان – باعتباره ذاتا Sujet وليس موضوعا Objet – فالمشكل مطروح بإلحاح ويجب البحث عن حقيقة الظاهرة الإنسانية خارج النموذج العلمي التجريبي، أي البحث عن حل لا يفقد الظاهرة الإنسانية خصوصيتها ، المختلفة حتما عن خصوصية المادة. هذه إجراءات للأستئناس وحاولة الابداع في تنزيلها قدر المستطاع وليست ملزمة بالضرورة.وأن شيء أحسن من لاشيء ثانيا الدراسة المنظمة ( وهي من تنسيق الأستاذين بديع الزمان اليماني وعبد العالي حافظي أطال الله في عمرهما)أقترح عليكم خطوات الدراسة المنظمة ومدى إمكانية المدرس في اختيار جملة من المراحل التي يمكن توظيفها في الكتابة الإنشائية وخاصة المتعلقة بتفسير النص وليس تحليله كما في مطلب تحليل النص.والدراسة المنظمة وُضعت أصلا لتفسير ومناقشة النص لكن يمكن توظبديف بعض عناصرها في مختلف المطلوبات.الدراسة المنظمة للنص الفلسفيEtude Ordonnée * مستويات الدراسة.A- الدراسة المنظمة. الأنشطة العقلية " الفهم والتحليل:- المقتضيات الإجرائية لمستويات الدراسة. 1-1- تحديد وظيفة النص ( يعرض، يُجيب، يفند، يحاجج...) 1-2- تحديد الإشكال ثم الأطروحة التي يعرضها الكاتب التي يدافع عنها أو يعارضها. 1-3- تحديد أولي للمفاهيم الأساسية الصريحة في النص. 1-4- تحديد وحدات النص الدلالية وديناميكيته ولغته. 1-5- بيان الخفي أي المسكوت عنه في النص وذلك كما يلي: 1-5-1 – الأطروحة الضمنية التي يُساجلها النص. 1-5-2 - العناصر الضمنية للإشكال أي الأطروحات المفارقة للأطروحة المعلن عنها. 1-5-3 المفاهيم والفرضيات والتصورات والخلاصات التي يتضمنها النص سواء كان يقوم عليها أو يؤدي تتبّع النص منطقيا إلى استنتاجها. 1-5-4- التساؤلات أو الأطروحات والاستنتاجات التي تجنّب أو أغفل طرحها. 1-5-5- بيان منطق النص أي مقدماته واستدلالاته ونتائجه.B- إبراز القيمة الفلسفية L’intérêt Philosophique * تقييم داخلي:2-1- إبراز أهمية الإشكال المطروح.Validité philosophique2-2- إبراز عمق وأصالة المعالجة أو صلاحيتها الفلسفية.2-3- إبراز أهمية النص ضمن فلسفة الكاتب وضمن تاريخ الفلسفة ( حسب مقتضيات القراءة إن كان ضروريا )2-4- إبراز أثره على تطور الأفكار الفلسفية.2-5- إبراز أبعاده ورهاناته،أي بيان ما يترتب عنه منطقيا على أطروحات الكاتب واستدلالاته وذلك بالكشف عن المجالات الأخرى التي يمكن أن تشملها أطروحة النص.2-6- إبراز قيمة الأدوات المقالية ( أي أشكال الخطاب وأشكال التعبير والأدوات العقلية المعتمدة في النص.C - الدراسة النقدية. Etude Critique • الأشكلة Problématisation 3-1- طرح الإشكال الذي تطرحه الأدوات المقالية والاستدلالية المعتمدة في بنائه، وذلك كما يلي: 3-1-1- إبراز عدم كفاية البرهنةفيه. 3-1-2- إبراز تناقضاته الداخلية. 3-2- إبراز الأشكال الذي تطرحه قراءة أطروحات النص ونتائجه، ويمكن أن يتم ذلك كما يلي: 3-2-1- إبراز تناقضاته مع جوانب أخرى من المذهب الذي ينتمي إليه النص. 3-2-2- الكشف عن الصعوبات الداخلية للنص مع تجنّب الحكم عليه من منظور خارجي لا علاقة له بإشكال النص. 3-3- التفكير في الفكرة موضوع النص وذلك ببيان ما يلي: 3-3-1- عُمقه وخصوبته. 3-3-2- صعوبة تقديم أية رؤية نسقية مكتملة عنه، وذلك بإبراز التساؤلات التي يبقى على النص الإجابة عليها.هذا الصباح 17 ماي 2024 بحديقتي وأنا أنشر هذا المقال من تخوم حديقتي المتواضعة. . | |
|