استاذي الكريم
شكرا على الحفاوة التي خصصت بها تعليقاتي
- اقتباس :
- لكن يجب الانتباه أيضا إلى سياق استعمال" الرأي " ،فالمقرر الحالي للفلسفة يطرحه في سياق أن الرأي هو (...)
لا أعرف ما تقصد بالمقرر
من المؤكد أنك لاتقصد هذا الكتاب المدرسي أو ذاك بل تقصد "وثيقة البرامج والتوجيهات التربوية للسنة الثانية ابريل2006 أو ما يسمى بالمنهاج الذي ينبغي ان تنضبط له الكتب المدرسية نفسها، وهذا المنهاج اكتفى في الصفحة 14
بتأطير نظري عام أعقبه طرح لثلاث أسئلة وانتهى إلى الإعلان عن منطوقات المحاور ومنها "الحقيقة والرأي" !!
إذن، أعتقد أن باب الاجتهاد (المسؤول طبعا) مفتوح على مصراعيه
بالنسبة لتحديد مفهوم الرأي، يمكن تقديم الدلالات التالية
مع ملاحظة أن مفهوم الرأي لا يقال إلا في تقابله مع مفهوم الحقيقة)
الرأي هو فكرة أو تمثل أولي أو اعتقاد يعوزه اليقين في مقابل الحقيقة التي يفترض أنها يقينية مبرهن عليها بطريقة من طرق التدليل والاثبات والتحقق.
بيد أن العلامة المميزة للرأي كخطاب وكنمط من المعرفة هو كونه متداولا ومتاحا للجميع، وبهذا المعنى الأخير يغدو الرأي مرادفا للحس المشترك أي الفهم الطبيعي للعالم المشترك بين الناس، المتاح مباشرة لكل فرد دونما حاجة إلى دراسات متخصصة أو منهجية.
أتفق معك في كل ماذكرته عن التصور الفلسفي للرأي منذ أفلاطون حتى هوسيرل، ولكن هذا لايمنع من وجود كتاب لفيلسوف إسمه توماس ريد (1710-1796) عنوانه: "بحث في الفكر الانساني وفق مبادئ الحس المشترك"
وفيلسو آخر إسمه جورج توماس مور (1873–1958) صاحب مؤلف يحمل عنوانا دالا هو:" دفاع عن الحس المشترك"
ما قلتموه عن القيمة المزدوجة لمفهوم الايديلوجيا ينسحب على مفهوم الرأي وأيضا على مفهوم الأسطورة، التي يقال غالبا أن الخطاب الفلسفي قد قطع معها وتركها وراء ظهره، ونيتشه نفسه في قراءته لعبارة طاليس "الماء أصل كل شيء" يلاحظ ان طاليس ينفصل عن المفكرين الأسطورينن من وجه ولكنه يتابعهم من وجهين ! (أنظر نصه في كتاب الجذع المشترك-رحاب)
والآن مالذي يبرر أن نولي للرأي معاملة أخرى غير التبخيس؟
توجد على الأقل أربع مبررات:
- إذا وجد في العلم من يعيد تقييم "الاستدلال العادي اليومي" كما فعل ماكس بلانك، فإننا لا نعدم أن نجد فلاسفة أيضا يفعلون الشيء نفسه، ولكن أغلبهم ينتمون إلى التقليد الأنغلوسكسوني ونحن طبعا منحازون تاريخيا للتقليد الفرنسي-الألماني
- من المثير للانتباه أحيانا، أن الفلاسفة أحيانا لا يستطيعون تجاوز أو القطع مع المسلمات أو المعرفة المشتركة لعصرهم ، ودليل ذلك حديث أرسطو عن العبد بوصفه آلة !
- لطالما قوبل الرأي الذي ليس سوى احتماليا مع الحقيقة التي تتمتع بصفات اليقين. وأفلاطون في محاورة مينون يقلل من شأن الرأي حتى لو كان سديدا لأنه غير مؤسس على مبادئ (مثال الشخص الذي نسأله عن الطريق غلى مدينة Larissa). ولكن ألا نرى اليوم مراجعة لادعاءات الحقيقة الفلسفية حول اليقين وإعادة الاعتبار للمحتمل Le probable et le plausible في إطار إعادة الاعتبار لمنطق الحجاج مقابل منطق البرهان،
مع العلم أن ديكارت نفسه يعترف أننا فيما يتعلق بشؤون حياتنا العملية نضطر لإتباع
آراء ليست سوى احتماليةوهذه الملاحظة تنقلنا مباشرة إلى الميرر الرابع ألا هو مفهوم الرأي العام، لأنه يتعلق بمواضيع وخيارات وسياسات اقتصادية أو اجتماعية أو أخلاقية ... يصعب الحسم فيها من منظور "منطق الحقيقة" !!
- صحيح يمكننا نقد فكرة الرأي العام، لأن هذا الرأي يتعرض أيضا للتشكيل والتوجيه الخفي عبر وسائل الإعلام، ولكن كل حركة احتجاجية او نقدية مضطرة لمخاطبة الرأي العام ومحاولة إعادة تشكيله من خلال وسائل الإعلام أيضا. إذن بصفة عامة، يعتبر الرأي العام من حيث المبدأ والصورة لا من حيث المحتوى، أحد دعائم الديموقراطية. هذا النظام الذي هو أقل الأنظمة سوءا
وحديثي عن "الرأي العام" إنما يدخل في باب الامتدادات والتقاطعات التي ينبغي أن يرسمها درس الفلسفي مع واقع التلميذ ومعيشه
ختاما أعتقد أن غرضي المتواضع انحصر في خلق توتر مؤشكل يشرعن التفكير ويمنحه ضرورته حتى لايبدو الأمر كما لو كان "مقابلة شكلية في كرة القدم" نتيجتها محسومة مسبقا !
ولطالما واجهني التلاميذ بأسئلة بريئة من قبيل: هل من أمثلة لهذه الآراء !؟ وبالخصوص هل من أمثلة لهذه الحقائق الفلسفية !؟
لاأريد أن أختم هذا المساهمة دون التعلييق على:
- اقتباس :
- فشكرا على يقظتك الفلسفية والتي ذكرتني بأسئلة السبعينات الحارقة والموقظة
يشرفني ذلك خصوصا و أنني كنت في السبيعينات صبيا صغيرا يلهو ! وربما لم يكن قد دخل المدرسة بعد ليتهجى الأبجدية
أما عن إسم ديوجين، فهو مجرد إسم مستعار وليس إسمي الحقيقي استعملته لأنه يدل على معان قد لايؤديها إسمي "الحقيقي" ولكن يا إلاهي ! ماذا تعني صفة "حقيقي" هنا؟ هل نقصد بها الإسم المثبت في بطاقة التعريف الوطنية وجوازا السفر، !؟ في هذه الحالة ستجد إسمي "الحقيقي" في أسفل صفحات موقع "فضاء الفلسفة"
http://www.falsafa.infoأما نشر الصورة والإسم لــ "أكون مسؤولا أما تلامذتي.."إلخ ففيه نظر،مثلما أن مفهوم الرأي العام فيه نظر أيضا
كان هذا مجرد دعابة أحببت أن أختم بها و دمت محبا للحكمة