تعرف بعض المجتمعات مُفارقات غريبة، عوض أن تُنتج سؤال الحقيقة من أجل استجلاء سبب التوتر بين طرفي المفارقة، ومن ثمة تجاوز طرفي التناقض بإعطائهما معنى ، يضع حدّا لعبثية التواجد المتوازي بين مُعطيين مُتنافرين، يستحيل بوجودهما بناء الحقيقة.وعوض أن تُصبح المُفارقة سببا موضوعيا لإنتاج السؤال المُؤشكل لها، كمدخل لوضع حدّ لعبثية الزواج المَسْخِ بين الضدين الشاذين، تُصبح المفارقة جزءا من الواقع اليومي. والنتيجة، تعطيل التفكير بقبول الضدين، وبتضادهما، يتم التأسيس لثقافة الانبطاح وتقبّل الواقع خوفا من وهم ضياع ماهو مُكتسب آني،الأمر الذي تُصبح معه استقالة العقل لصالح العادة من علامات الجمود وتكرار العبث....
طرفي المفارقة:
يتحدثون عن محاربة الفساد، لكن الفساد في تطور نوعي.
ومن مؤشرات الفساد، تساكن الضدين في عقلية العامة والخاصة، تتعايش الرشوة مع محاربة الرشوة،التدين مع الدعارة، المسجد مع الخمّارة،المدارس القرآنية مع العُلب الليلية،الطهرانية مع الاغتصاب،الحشمة مع التعرّي،الترامويي مع عربة يجرها حمار، الفيلات مع أحياء القصدير...وقس على ذلك من المفارقات حيث يتعايش الضدان في وحدة تستفز غرابتها اندهاش العقلاء، وأغربُ المفارقات،حقوق الإنسان مع الاستبداد، الكذب السياسي مع الصدق الأخلاقي.