الجنوب الشرقي الأرض التي تحترق
تعد منطقة الجنوب الشرقي واحدة من المناطق التي تندرج ضمن ما سما ه المستعمر الفرنسي بالمغرب الغير النافع , ولكن وللأسف بعد الاستقلال الشكلي لازال هذا التصنيف سري المفعول إلى يومنا هذا , إذ لازال النظام القائم يتعامل مع هذه الرقعة من الوطن الجريح بهذا المفهوم الاستعماري ، فمع الاستقلال الشكلي سيعمل النظام على تحويل هذه المنطقة بأكملها إلى معتقل سري كبير, ولعل هذا ما جعل النظام القائم يبدل كل ما في جهده من أجل تهميش هذه المنطقة وإقصائها حتى من الخرائط التي تُزين الكتب المدرسية ، ناهيك عن خريطة الأحوال الجوية التي تزُف علينا بها القناتين الأولى والثانية كل يوم ،هذا كله حتى لا تنكشف الجرائم التي يقوم بها النظام القائم من داخل هذه المنطقة, فرغم كل المنع والتهميش لم يستطع النظام المخزني كبح ولجم الحس النضالي في هذه المنطقة التي تحدت كل هذه الظروف بالصمود و النضال.و استطاعت أن تخرج من رحمها مثقفين و مناضلين كبار ،كثيرا ما يزعجون النظام بانتقاداتهم الثاقبة وكشفهم للسياسات الاستغلالية التي ينهجها ضد خيرات و ابناء هذه المنطقة الأمازيغية الجريحة , إن ميلاد هذه الإطارات لم يأتي من فراغ ،بل تولد من رحم المعاناة والانتهاكات التي تعرفها هذه المنطقة .وإننا إذ نسميها-أي منطقة الجنوب الشرقي - بالمعتقل الكبير لا يعد هذا من باب المبالغة أو أي شيء من هذا القبيل , ان واقع الحال هو ما جعلنا نطلق هذه التسمية على هذه المنطقة السجينة.
إذ أنه رغم غنى هذه المنطقة بمجموعة من المعادن التي تنقل ليلا و نهارا و أمام أعين المواطنين و المسؤولين ، إلا أنه لا تستفيد ساكنة هذه المناطق أي شئ من هذه الثروات حتى مجرد العمل مع هذه الشركات ، حتى أن مريض هذه المنطقة ناذرا ما ينعم بالحياة بسبب بعد المراكز الصحية إذ تحتوي المنطقة بأكملها على بضع مراكز صحية صغيـــــــــــرة لكن بدون أطباء و أجهزة تستجيب للحالات المرضية المتفشية ؛و بدون أدوية تقدم للمرضى المحتاجيين-مع العلم أن أغلبية سكان هذه المناطق كلهم من المحتاجيين – اللهم الا الدواء الأحمر الذي يقدم لكل الحالات المرضية ايا كانت. و تكتفي هذه المراكز بتوقيع ورقة الذهاب إلى مراكز صحية أخرى تبعد عن هذه المناطق بمئات الكيلومترات مع صعوبة التنقل في { الطرق المعبدة } التي يتعرقل فيها حتى الراجلون ؛ و هكذا يكون مصير المريض في نهاية المطاف هو الموت في منتصف الطريق لا لشئ الا لأنه ينتمي الى منطقة الجنوب الشرقي –المغرب الغير النافع-ناهيك عن مشكل الماء الصالح للشرب .
هكذا إذن هي منطقة الجنوب الشرقي اليوم، أرض تحترق في صمت وأصوات احتجاجية مخنوقة، تردد الجبال صداها دون أن يسمعها أحد إلا أهلها، اللذين أغرقهم الجهاز المخزني في متاهات الانتخابات و دوامة اللاجدوى و هم اللذين لا يتجاوز المستوى العلمي لأحسنهم شهادة الابتدائي .
و تستمر المعاناة مادام شعب هذه المنطقة متحزبين و مدافعين عن العدو باسم التعصب للأحزاب الاستغلالية، التي لا تعرف هذه المناطق إلا في الحملات الانتخابية.
أحمد وبها