استجابة لكثير من مدرسي الفلسفة وأطر التفتيش التربوي، أقدم السنة الماضية – صيف 2010- المركز الوطني للتقويم والامتحانات على تضمين بيان التصحيح أو عناصر الإجابة وسلم التنقيط : توجيهات إضافية. رهان هذه التوجيهات إعادة ردّ الاعتبار لمادة الفلسفة التي أساء إليها بعض مدرسي الفلسفة الذين يُصححون الإنشاء الفلسفي وفق رغباتهم الشخصية ضاربين بعرض الحائط كل القوانين المنظمة لعملية التقويم الإشهادي.وبقدر ما ارتحنا للموقف التوضيحي المبدئي بقدر ما كانت تلك التوجيهات الإضافية دليلا على مدى الخلل في عملية التصحيح والتي أبانت عن مفارقات خطيرة لحظة الأيام التكوينية في مادة الفلسفة على الصعيد الوطني. والغريب في الأمر أن بعض مدرسي الفلسفة سقطوا ضحية بعض الأساطير التي يتباهى بها بعض المدرسين، وهي في ازدياد مع الأسف، والمتمثلة في اقتناعهم أنهم لا يتجاوزن نقطة 12/20، بحجة مادة الفلسفة صعبة ولا يُمكن للتلميذ أن يتجاوز عتبة التفلسف المطلوب.ناهيك عن هواة الصفر 00/20،إضافة إلى تنقيط غاية في الغرابة والاستهتار بمادة الفلسفة، ويتعلق الأمر بالذين يقومون بتجزيئ التنقيط على غرار مادة الرياضيات والفيزياء، من مثل: 12.25أو 09.75...!!! أتساءل بكل بصدق: كيف يتم وعلى أيّ أساس نقوّم الإنشاء الفلسفي على أساس الجزء 0.75؟. أتمنى أن يتدخل أحد مدرسي الفلسفة ليُقنعنا بهذا التنقيط التجزيئي، مثلا إذا كانت لحظة الفهم تستحق أربعة فمن أين يتم تجزيئها إلى 02.25. من أين وكيف قوّمنا الجزء 0.25؟ لهذا جاءت التوجيهات الإضافية في إطار ترشيد عملية التصحيح والحد من الذاتية والعشوائية في التصحيح، مع الاعتراف بأن هذا الرهان صعب التحقق لعدة أسباب متداخلة منها طبيعة ثقافة المصحح ومدى خلطه بين الفلسفة كمادة مدرسية وبأهداف وكفايات محددة والفلسفة الحرّة كما مارسها الفلاسفة......
تقول التوجيهات الإضافية:
1- يتعين على السادة المصححين تثبيت نقط التصحيح الجزئي على ورقة تحرير المترشح، بالإضافة إلى النقطة الإجمالية مرفقة بالملاحظة المفسرة لها.
2- يتعين على السادة المصححين مراعاة سلم التنقيط الذي بتراوح ما بين 00/20 و 20/20،وذلك لأن التقويم في الفلسفة، كمادة مدرسية، هو أساسا تقويم مدرسي، وبالتالي فمن غير المقبول قانونيا وتربويا، أن يضع المصحح سقفا محدد لتنقيطه، يتراوح مثلا بين 00/20 و20/15 بناء على تمثلات خاصة حول المادة، سيما وأن الأمر يتعلق بامتحان ‘شهادي يتوقف عليه مصير المترشح.
3- إن حصر التنقيط ما بين حد أدنى معين وحد أقصى يتوقف عند 20/12 مثلا، بالنسبة لمترشحي مختلف الشعب والمسالك التي تشكل فيها الفلسفة مادة مميزة ( ذات المعامل3 و 4 ) يحرم المترشحين من الاستفادة من امتياز معامل المادة وخاصة المتوقين منهم.
4- ضرورة إخضاع كل ورقة تحرير حصلت على نقطة 20/03 فما أقل للتداول داخل لجنة التصحيح، بعد إخبار منسق اللجنة، وذلك حرصا على الموضوعية المُنصفة للمترشح.
5- إذا توفرت في إجابة المترشح الشروط المنهجية والمضامين المعرفية المناسبة للموضوع، وكانت هذه المضامين لا تتطابق مع عناصر الإجابة، جزيا أو كليا، فإن المطلوب من المصحح أن يراعي في تقويمه بالدرجة الأولى روح منهاج مادة الفلسفة وإشكالاته، وليس تطابق المضامين المعرفية القابلة للاختلاف والتباين، بحكم تعدد الكتب المدرسية وتنوع مصادر المعرفة.
يبدو لي أن هذه التوجيهات اعتراف بخطورة ما تتعرض له مادة الفلسفة. وبعيدا عن فكر المؤامرة الذي يزعم وجود خصوم الفلسفة ذاتيين، أقول بأن الراجح هو غياب التواصل بين المدرسين أثناء عملية التصحيح، وغياب تحميل المسؤولية للمصحح الذي لا يحترم قوانين التصحيح. أذكر في سنة 1983 بمركز الامتحان ثانوية العامرية ببني ملال كانت لجنة السكريتاريا تسدعي المصححين المخالفين لقوانين التصحيح ومناقشة إنشاء المترشح جماعيا. وأذكر أن مدرسة للفلسفة أُغمي عليها لما طلبتها لجنة السكريتاريا لمناقشة ثلاث مواضيع رأت المصححة أن هذه المواضيع تستحق الصفر، وذلك كتمهيد للجنة الامتحان حين كان " الجبر " هو مقياس نجاح التلميذ، بحيث ترجع اللجنة إلى بيان نقط التلميذ.
أتمنى أن نتواصل لما فيه مصلحة التلميذ ومصلحة مادة الفلسفة .