من أدبيات الفرق التربوية لأكاديمية بني ملال 1996
لقد أصبح التمرين، في المنهاج الجديد للفلسفة جزء من العملية التعليمية لكونه يسمح " بترسيخ المهارات والكفاءات والأفعال السلوكية. لهذا فالتمرين عنصر بنيوي يرتبط ارتباطا عضويا بمكونات الدروس الأخرى ومناسبة لتشغيل المتعلم ضمن عملية التعلم الذاتي"
وانطلاقا من الترتيب الذي وضعته وثيقة المنهاج لمبادئ عملية التدريس الفلسفي، يقع التمرين في الرتبة الرابعة بعد الساطة والوضوح والتدرج، وما يبرزه هذا الترتيب هي الأهمية التي أصبحت للتمرين، الذي بواسطته يمكن التحقق من درجة الاستيعاب من طرف المتعلم، والمهارات المستهدفة. وينص التمرين في الوثيقة على جانبين:
1- تدريب المتعلم على العمليات الذهنية الضرورية.
2- تمكينه، في إطار التعلم الذاتي، من اكتساب تقنيات للعمل والاشتغال.
أمام هذا التجديد، لا يسعنا إلا أن نؤكد على أن الكتابة كتمرين أصبحت عنصرا أساسيا في عملية التدريس. ذلك أن الجانب العملي التطبيقي، يجب أن يأخذ قسطا موازيا للقسط المخصص للحوار الشفاهي في حصة الدرس من خلال مطالبة التلميذ بتذكر معلومات عن مذهب فلسفي كتابة، أو اختيار وتنظيم معلومات تم عرضها أو شرحها أو تقديمها اعتمادا على نص مكتوب، أو استغلال أفكار أو مفاهيم لنقد أو تفسير أو دحض موقف فلسفي.
التمرين الكتابي والأهداف النواتية :
لقد أخذت الدروس في المنهاج الجديد، شكل مفاهيم، ويعرف منهاج مادة الفلسفة والفكر الإسلامي المفهوم على الشكل التالي:" المفهوم لفظ لغوي طبيعي يدخل ضمن لغة التواصل العادي، ويحمل مضمونا فكريا مركبا يتخذ شكل تمثلات وتصورات أولية تتمتع في نفس الوقت بدرجة من التجريد والتعميم والتشخيص والتداخل والاختلاط والالتباس، تحيل إلى واقع فعلي أو متخيل."
ما يترتب عن هذا التعريف هو أن الدرس الفلسفي أصبح وحدة تتكون من لحظتين: لحظة تحديد مجال المفهوم، من خلال إبراز القضايا المتفرعة من دلالته اللغوية والعادية بهدف " تعميق التفكير بسبب غناه الدلالي الذي يتطلب التحليل والتصنيف والتمييز." ولحظة : إفراز المشاكل، وتتوزع إلى ثلاثة متطلبات:
1- تحقيق التفكير في المفهوم على نحو إشكالي بين إلتباسات ومفارقات المفهوم.
2- إنشاء فضاء فلسفي اعتمادا على الخطابات الفلسفية التي أنتجها الفلاسفة عند معالجتهم للمفهوم.
3- تحويل المفهوم من مفهوم مرتبط باللغة العادية إلى مفهوم فلسفي يتميّز بالتجريد والتعميم بهدف تعريفه وحصر دلالته.
ما نستشفه من اللحظتين هي علاقة الكتابة بما يُطلق عليه بالأهداف النووية والتي يلخصونها في : المفهمة والأشكلة والحجاج، وتتجلى هذه العلاقة في كون الكتابة تبرز من جهة قدرة التلميذ على تناول مفهوم من المفاهيم تناولا فلسفيا، كما تظهر، من جهة أخرى، تمكّنه من تقديم تصور إشكالي للمفهوم يعتمد على إبراز المفارقات وملابسات المفهوم. لهذا يكون مجمل عمل التلميذ الإنشائي هو تحقيق كتابة تتضمن المفهمة والأشكلة والحجاج، في خطاب واضح ومقنع وحتى يبرز هذا الفكر اعتمادا على الكتابة يجب على التلميذ:
*- إبراز الإشكال في لغة واضحة ودقيقة.
*- التفكير كتابة في هذا الإشكال برسم خطوات تحليلية في أفق تقديم حل لهذا الإشكال، في شكل فرضيات ملرهنة.
التمرين الكتابي ومسألة التعلم الذاتي :
يختلف الدرس الفلسفي عن أنماط أخرى من الدروس، لكونه لا يهدف إلى الاكتفاء بتقديم معلومات، على التلميذ استيعابها من جهة، وإعادة تكرارها في ظروف مختلفة من جهة أخرى.بل الدرس الفلسفي يعمل على جعل التلميذ يكتسب كفايات خاصة مثل النقد والتحليل والتساؤل... تُمكنه من مواصلة التعلم بشكل ذاتي. وللحصوص على هذه الكفايات نعتبر أن قناة التمرين الكتابي تُعدّ من القنوات الأكثر إجرائية لتحقيق هذه الغاية، بفعل خصوصية الكتابة. فالتعلم الذاتي يبدأ عندما ينتج المتعلم نصا مكتوبا يجسد من خلاله طريقة وأسلوبا خاصين في المحاجة والعرض، هذا ما يجعل أن اعتماد البيداغوجيا الفارقية تُصبح شيئا مُلحا بسبب استنادها إلى التعدد والاختلاف والتباين بين المتعلمين، وبالتالي قدرتها على تمكين التلاميذ عن طريق التمارين الكتابية، من جعلهم يعبرون عن خصوصياتقدراتهم في جو يطبعه التعلم الذاتي.
أشكال التمارين الكتابية:
نميز بشكل عام بين نوعين من التمارين الكتابية: الكتابة الجزئية والكتابة الكلية.
1- الكتابة الجزئية:
تهدف الكتابة الجزئية إلى تمكين المتعلم من اكتساب كفايات معينة عن طريق التدرج، ويمكن أن يأخذ هذا التدرج شكل التدرب على تحليل لبعض قفرلت نص ماأ أوتسجيل خلاصات جزئيةأ أو أخذ نقط الدرس، أو المشاركة في كتابة ملخص الدرس، أو تقديم التمارين التي يكلف المدرس بها التلاميذ خارج أو داخل الفصل . وفيما يتعلق بالكتابة الإنشائية، فإن الاشتغال مع التلاميذ على اللحظات المختلفة المكونة للإنشاء الفلسفي، تساعده على الوقوق على ما يميز كل لحظة عن أخرى. فيمكن الاشتغال على كتابة المقدمة، أو كطيفية طرح إشكال، أو الاهتمام بتعويد التلاميذ على كتابة فقرات العرض.
2- الكتابة الكلية: