حفل تكريمي بمناسبة تقاعدي.
كلمتي بمناسبة حفل التكريم.
تحية إلى كل الذين شاركوني في هذا التكريم، وتحية إلى الحضور الكريم.
أعتبر هذا الجمع من الوجود المشترك بعبق الفلسفة وبفضاء ابن سينا، ونعم الرمزية، تعبيرا عن اعتراف مزدوج، الأول، اعتراف بأحقيّة مُتعلّمي ومُتعلّمات الفلسفة في ارتياد عوالم التجربة الفلسفية كأفق لممارسة التفكير الحر والمُؤسِّس لفعل المبادرة والإبداع، ومن ثمة التحرّر من المعلُوليّة القائمة على ترسيخ التقليد والاتّباع. وأعتقد أن هذا الأفق، هو من بين رهانات الأولمبياد الفلسفي،أي الاحتفاء بالفلسفة من خلال فعل المناظرة بين مُتعلمي ومتعلمات الدرس الفلسفي. وهاهي بذرة التفلسف تُزْهِر اليوم في فضاء ابن سينا أجمل الأفكار والمواقف وأبدع المفاهيم وكل أساليب الحجاج والقول الفلسفي.
الاعتراف الثاني، وهو مُكمّل ومُحايث للاعتراف الأول، ويتمثل في تكريم كل المُشتغلين بالحقل الفلسفي، من خلال مدرس مخصوص، لكنه في الحقيقة ومن خلاله تكريم لكل مدرسي ومدرسات الفلسفة ومؤطّريها التربويين وأصدقائها والجهات الداعمة والحاضنة للفلسفة. المُحتفى به اليوم هو الرهان الفلسفي، وهو مسؤولية كل مَنْ يؤمن بالقيم الفلسفية التنويرية، وكل من يؤمن بالدفاع عن الفلسفة والحق في التفلسف، ومنه تجويد الدرس الفلسفي، وإعادة تأسيسه وتحيين مُقتضياته كلّما استجد مُستجد. وهذا ما حاول منتدى فيلوصوفيا بكل تواضع الاهتمام به، بمعية ومساعدة ومساهمة كثير من مدرسي الفلسفة والمؤطرين التربويين وأصدقاء الفلسفة.
كل هذه الاعتبارات السالفة الذكرـ تجسدت بالملموس في هذا اللّقاء الفلسفي بامتياز تحت عنوان " الأولمبياد الفلسفي" الذي استنبته بالجهة الأستاذ والمؤطر التربوي رشيد العلوي، . وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد، إضافة إلى تشجيعه والمساهمة فيما يُطلق عليه هو توصيف " الربيع الفلسفي" الذي بدأت أولى بشائره من مدينة سوق السبت...هذا الاستنبات كان بحق إضافة نوعية لمجهودات مؤطرين تربويين سابقين نذكر منهم الأساتذة : التهامي ياسين، محمد راجي، عبد الرحمان بليزيد، عبد الواحد المزكلدي، والمرحوم عبد السلام الحمراوي..وبمعية أجيال من مدرسي ومدرسات مادة الفلسفة، والذين واللواتي اشتغلوا في مختلف الفرق التربوية وأنجزوا المئات من البحوث الفكرية والبيداغوجية، دون أن ننسى الإضافات النوعية للفرع السابق للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة بأكاديمية ببني ملال السابقة مع بداية التسعينات من القرن الماضي. وعلى ذكر الجمعية وجب تهنئة أعضاء وعضوات مكتب فرع الجمعية المغربية لمدرسي ومدرسات الفلسفة ببني ملال وفروع الجهة، كما نتقدم بالتهنئة لأعضاء المكتب الوطني الحاضرين معنا، الأساتذة حسن حريري، ومصطفى اليرتاوي الشرقي المعانيد ومصطفى الزاهيد، ونتمنى لهم كل التوفيق.
وفي الختام، أرجوكم ، لا تُشعروا المتقاعد بأنّكم تودعونه، وأن مُهمّته قد انتهت. من حقّكم أن تقولوا له شكرا، لكن أتمموا الشكر بإلى اللّقاء، كي يشعر المتقاعد بإمكانية ولادة بُعْد جديد من أبعاد التجربة الفلسفية وهو في خريف العمر.
فشكرا لكم جميعا، وتقبّلو تحياتي وتقديري وإلى اللقاء. والسلام عليكم.
الإمضاء : كمال صدقي.
كلمة الأستاذ محمد راجي ( مؤطر تربوي متقاعد)
كلمة تكريم الاستاذ كمال صدقي اثناء الملتقى الثاني للاولمبياد الجهوية لمادة الفلسفة
بثانوية ابن سينا ببني ملال بتاريخ 14 مايو 2016يسعدني ان اكون معكم مرة اخرى في هذا العرس التربوي البهيج و ان استمتع معكم بفقراته الشيقة مع نخبة من تلامذة الجهة المتميزين ، و ان اواكب معكم المراحل النهائية من هذه المسابقات لتتويج المتفوقين و المتفوقات تلاميذ و مؤسسات . دون ان ننسى حين التتويج ، ان وراء هذا التفوق ، الى جانب ارادة التلاميذ و التلميذات ، حماسهم و اجتهاداتهم ، اساتذة مدرسون و مؤطرون يبذلون الغالي و النفيس لاداء رسالتهم التربوية لتاهيلهم لتبوء المراتب الاولى في الامتحانات و المباريات و المسابقات . فتحية لهؤلاء و لاؤلئك على صدق النوايا و كمال المقاصد.....ما قلته بشكل عام ايها الحضور الكريم في حق اساتذة مادة الفلسفة و مؤطري انشطتها ينطبق بشكل خاص على استاذ يتحدث عن نفسه قائلا :
" اعتز بكوني مدرس تفلسف مبتدئ ، و ككل بداية ، اتلمس الخطوات من جديد ، امزق دفاتري القديمة في ذهني ، و اضرم فيها نار التجديد ، باسم محبة الحكمة..."فهو لا يكتفي بالحديث عن ذاته و التمرد المستمر عليها بالتجديد ، بل يحرض الدوات الاخرى على نفس الفعل في اطار طقس جماعي يستحضر الروح السقراطية ، و الاجواء الاغورية . ويقول :
" فاحرقوا دفاتركم القديمة ... و تعالوا نلعب لعبة الاشكلة و النقذ ، في ساحة النصوص الفلسفية الواسعة ، و في ساحات الحياة اليومية الضيقة "انه الاستاذ كمال صدقي مدرس الفلسفة و المؤطر التربوي لتدريسها الذي نحتفي به اليوم و نكرمه .الاستاذ كمال صدقي الذي اتخد من مهنة التدريس بشكل عام ومن تدريس الفلسفة بشكل خاص محرابه و معبده الخاصيين . و اللذين تتقاطع فيهما جميع خطوط و خيوط حياته الخاصة و المهنية .الاستاذ كمال صدقي رغم ذلك ، او بالاحرى بسبب ذلك ، لم يتوقف عمله التربوي عند حدود الفصل الدراسي مع تلامذته ، بل تجاوزه الى المجال الرقمي ( الاغورا الرقمية ) متخدا من فيلوصوفيا موقعا له للتواصل الواسع مع مدرسي الفلسفة ، متعلميها و محبي الحكمة المستجيبين لندائه : "تعالوا نلعب لعبة الاشكلة و النقد ... ".لذلك معرفتي بالاستاذ صدقي لم تكن ممكنة الامن خلال معبده الخاص : مجال تدريس الفلسفة . و اثمر هذا التعارف وهذه المعرفة تعاوونا تربويا واسعا شمل مختلف مجالات العمل التربوي المرتبطة بتدريس الفلسفة بالجهة ، تقويمها و التاطير التربوي لمدرسيها : تحضيرات كلية لدروس - قراءات تربوية – ديداكتيكية - دراسات و بحوث - صياغة مواضيع امتحانات البكالوريا - الكفاءات التربوية - الارشاد التربوي في نيابة ازيلال.......
ومن خلال عملي معه كاستاذ مبدع و مبتكر ، و كمرشد تربوي ، و في اطار الفريق التربوي الجهوي للمادة ، تعرفت عليه كانسان له مبادئه و اهتماماته و مواقفه و نضالاته الخاصة . و تعرفت على الوجه الاخر لابداعاته التي لا تنحصر في الجانب التربوي فقط ، بل تتعداه الى مجالات اخرى كالرسم و النحث ...
الاستاذ كمال صدقي له من اسمه نصيب ، او بالاحرى لاسمه منه نصيب . و حتى و لو اعتبرنا العلاقة بين الدال ( الاسم ) و المدلول (المسمى ) علاقة اعتباطية ، فانه في هذه المسالة يشكل استثناءا . او ليس لكل قاعدة استثناء ؟
• فهو شامخ كاسمه كمال .
• و متواضع كلقبه صدقي .
و في جمعه بين الشموخ و التواضع كنقيضين بالمعنى الجدلي ( و ليس الارسطي ) تاتي تلك اللحظات الصعبة التي لا يميز فيها البعض في سلوكه بين التواضع و الضعف ، وبين الشموخ و الغرور ، فتختل الصورة ، لغياب الربط الجدلي بينهما كنقيضين متكاملين ، و هذه هي اللحظات الصعبة التي يفقد الاستاذ صدقي اطواره فيها احيانا . في حين ان شخصيته الحقيقية تمارس التواضع في شموخ ، و الشموخ في تواضع . وهذا ما لاتمكن العلاقة العابرة معه من فهمه و استيعابه .
و لذلك يصعب على اي كان معرفة الاستاذ صدقي الا من خلال الممارسة العملية لانشطته المختلفة ليعرفه و يتعرف عليه و على حقيقته لانه كائن عملي ، التنظير عنده لا معنى له الا في تاطيره للممارسة ، و هذا ما تؤكده اجتهاداته و ابداعاته ، بل و مغامراته ايضا.تحياتي الاخ و الصديق كمال صدقي كاستاذ و انسان . و متمنياتي لك و لاسرتك الكريمة بالصحة و السعادة و طول العمر .
*ملحوظة لابد منها : لم اتحدث عن تقاعدك ، لانني على يقين انك لن تتقاعد ما دام هناك من يشاركك لعبة الاشكلة و النقد في الفضاء الفلسفي الرحب ، وفي ساحات الحياة اليومية على ضيقها . اليس الامر كذلك ؟
* ملحق ( على ضوء تغريدة لك بالامس حول تقاعدك) : نعم ستفتقد شغب التلاميذ ، ستفتقد متعة العمل معهم ، ستفتقد ، كما قلت " مركز عمليات تحضير الدروس الفلسفية " ، و لكن الزمن لن يتوقف ، كما انك لن تتحول الى " مجرد ذكرى " ، ولن يطويك النسيان ، ولن " تتوارى نهائيا مع الغياب الابدي " و لن تخبو فورة الشباب فيك ، و لن تتتابع في عمرك فصول السنة لان عمرك مختزل في فصل واحد بعملك ، هو فصل الربيع الدائم ، فصل العطاء بدون حساب .
وشكرامحمد راجي