رهانات مجزوءة الوضع البشري.
( مقدمات لابد منها)
****على مستوى الإطار المرجعي للتوجيهات التربوية ( وهذا تعاقد تُمليه ضرورة مأسسة الفلسفة كمادة دراسية)
1- تأتي هذه المجزوءة في سياق بيداغوجي وآخر ذاتي (متعلق بمعيش المُتعلمين)، وأخيرا في سياقي فلسفي(أشكلة ومفهمة وحجاجا).وتُشير التوجيهات التربية إلى كل مجزوءات السنة الثانية بكالوريا تأتي في سياق تطوير المُكتسبات السابقة للتلميذ والتلميذة من خلال نقلهما إلى فضاءات نظرية وفلسفية أوسع مع تمكينهما أيضا من ضبط المفاهيم التي سبق تعرّفها وإعادة النظر في الأسئلة التي ما تزال مطروحة، وذلك من خلال الاشتغال على مفاهيم حديدة وأسئلة تتم صياغتها على ضوء الكفايات المبرمجة لسلك الباكالوريا...، وصولا إلى ترسيخ قدرات التفكير الفلسفي والكتابة المنظمة في نهاية هذا السلك. (ص 29)
2- وحتى لا يقع تنافر بين قضايا وأسئلة المجزوءة ومواصفات المتعلمين التي تأخذها التدابير البيداغوجية في الاعتبار، تمّ التنبيه على مُراعاة كون المتعلمين يبحثون عن الاعتراف بهم كأشخاص مُستقلين ويتشبتون بحريتهم ويتطلعون إلى تحقيق ذواتهم باحثين عن مُثل عليا يبنون من خلالها هويتهم...ومن ثمة يُفترض أن المتعلمين قد استدمجوا جزئا قيّمَ ومهارات العمل التشاركي، من خلال التمرحل البيداغوجي والمعرفي ،وصولا إلى المقاربة الفاعلة والتفاعلية، بحيث أصبج التلاميذ أكثر قدرة على البحث المنظم في موضوعات متنوعة.( ص29).
3- إذن انطلاقا من هذه الاعتبارات الثلاث (مُساءلة هوية شخص المتعلم كذات كونية لا تُلغي ولا تمحي خصوصيته، ووعيه بأهمية التشارك مع الغير، وأخيرا إدراك أهمية التمرحل التاريخي إن على المستوى الشخصي أو تاريخ الفلسفة كجزء من التاريخ الإنساني) يتم وضع المتعلمين أمام ضرورة تبني خطاب العقل بوضعه في سياقه المعرفي والإنساني والتاريخي، ثم السعي إلى ترسيخ ممارسة تفكير فلسفي منظم يستند إلى الثقافة الفلسفية
**** على مستوى البناء النظري لمُكوّنات المجزوءة، من خلال المضامين المقررة.
1- بداية، من المطلوب التمييز بين إكراهات شروط المؤسسة في تحديد رهانات المكونات الموضوعاتية والإشكالاتية بخصوص مفاهيم المجزوءات، حتى يتم احترام تكافؤ الفرص بين التلاميذ، وبين المواقف الشخصية لمدرسي الفلسفة في مقاربتهم للموضوعات إن على المستوى البيداغوجي أو التوظيف الفلسفي. فنحن كمدرسين لمادة الفلسفة لا نُدرّس مواقفنا، ومن أخلاقيات المهنة الترفّع عن الزجّ بمادة الفلسفة في رهانات غير التي تُحددها الأطر المرجعية حفاظا على تكافؤ الفرص بين المتعلمين بدل التيه بهم في متاهات شخصية لمدرسي الفلسفة.وهذا من مقتضيات العقلنة في تدريس الفلسفة.
2- كذلك من المطلوب التمييز بين رهانات المجزوءة بالنسبة للمسالك الأدبية والمسالك العلمية، وخاصة في مجزوءة المعرفة.على اعتبار أن حذف مفهوم يُغيّر من رهانات المجزءة ويُعيد صياغة الإشكالات بما يتماشى ومكونات المجزوءة.
3- أيضا من المطلوب استحضاره هو أن مُقاربة المجزوءة لا بُدّ أن تراعي ثلاث مداخل تتقاطع فيما بينها:
أ- مراعاة الجانب المعرفي/الفلسفي،من حيث أبعاده الإشكالاتية والمفاهيمية والحجاجية إضافة إلى كل مميزات التفكير الفلسفي من اندهاش وشك ومُساءلة وتساؤل ونقد وعقلنة ونسقية.
ب- استحضار أو الانفتاح على معيش المتعلمين، في أفق تجسيد مختلف الكفايات المنصوص عليها في التوجيهات التربوية والمرتبطة أيضا بالقيم التي يصبو الدرس الفلسفي إلى غرسها في أذهان وممارسات المتعلمين.
ت- وأخيرا الوعي بمدة تعالق المدخلين السابقين من الإنشاء الفلسفي، باعتباره التتويج والتجسيد الحقيقي لمُختلف تعلّمات المتعلمين. ومن ثمة الوعي بتعالق الأطر المرجعية المتعلقة ببناء الدرس الفلسفي والأطر المرجعية المتعلة بالكتابة الفلسفية.
لهذه الاعتبارات، يظهر أن مسار الدرس الفلسفي مركّب ومعقّد، ومن ثمة وجب التعاقد مع التلاميذ على استراتيجية مُنفتحة على جبهات ثلاث " المقرر والشخص والإنشاء الفلسفي" وهي جبهات تتكامل فيما بينها، لكن مع الأسف يُلاحظ لدى البعض الاهتمام بالجانب المعرفي الفلسفي (من خلال إملاء دروس جاهزة بدعوى ضيق الوقت، والتركيز على سرد أطروحات جاهزة..إضافة إلى عدم احترام التوجيهات الخاصة..وخاصة في الشق المتعلق ببناء درس فلسفي في الثانية بكالوريا من خلال الكتابة المُدمجة وليس الكتابة التجزئية وبعناوينها البارزة:الإشكال-الأطروحة-المفاهيم- الحجاج)
وللحديث بقية.