بحث في الفلسفة الاسلامية

السلام عليكم أيها الأساتذة الأفاضل
لي صديق في نهاية دراسته الجامعية، وطلب منه الأستاذ الذي سيشرف على بحثه الجامعي بكلية القاضي عياض أن يكون بحثه عبارة عن قراءة في كتاب لأحد الفلاسفة المسلمين باستثناء طه عبد الرحمان لأنه استعلك من كثرة البحوث حوله
أرجوكم منكم المساعدة وذلك بمقترحاتكم في أسرع الأوقات ودمتم نبراسا في طريق طلب العلم.

أرجو أن يكون الأساتذة الأفاضل بخير وخصوصا الأستاذ كمال صدقي لأتتي لم أتعود أبدا على غيابه وعدم رده رغم أكثر من أربعة أيام على وضعي لهذا الطلب

تحية إلى الأستاذ عبد الله.
من شروط البحث الجامعي، تعاقد المُشرف مع الطالب بخصوص، أولا المُفكّر وثانيا الإشكال موضوع البحث شريطة توفر المتون الضرورية التي سيتم الاشتغال عليها. هذا التعاقد يرتكز أساسا على رغبة الطالب المعرفية تجاه أحد المفكّرين وثانيا قًدرة المُشرف على التأطير والتوجيه، المعرفي والمنهجي. أعتقد أن المطروح حسب الظرفية السياسية الراهنةـ هو التفكير في إمكانية تعقيل الممارسة الدينية التي جنحت نحو التشدّد والانعزالية من خلال رفض وتكفير المُختلف،الأمر الذي يُمكن معه استعادة دعوة التنوير الفلسفي التي بدأها الكندي وأتممها ابن رشد، والمتعلقة بإنتاج خطاب إسلامي عقلاني ومُنفتح، يُعيد مُساءلة الحاضر من خلال تجربة الماضي التنويرية، دون إغقال الثابت والمتحول في تجربة أية مفكر. أعطي مثالا ، لقد اختلف محمد عابد الجابري مع محمد أركون بخصوص إمكانية توظيف أطروحات ابن رشد لفهم بعض إشكالات العصر الحاضر والمتعلقة بتعقيل التجربة الدينية الإسلامية من الداخل، وليس من مرجعية أستشراقية أو " علمانية برّانية" تزعم فصل الدين عن الدولة،كان محمد الجابر، عكس محمد أركون، مُقتنعا بأهمية استعادة الفكر الرشدي لحل بعض المُعضلات الدينية المُرتبطة بالمجال السياسي الراهن، وهي تجربة كتب عنها أيضا حسين مروة في مقال له عن ابن رشد بمجلة الوحدة، وضّح فيه كيف أن ابن رشد سحب البساط من تحت الفقهاء أعداء الفلسفة باعتماد الدين نفسه الذي برّر به ومن خلاله أعداء الفلسفة تكفير التفكير العقلاني.
باختصار هناك طريقتين لمُقاربة بحث جامعي:
1- العمل على إبراز ملامح فكر مُفكّر من خلال ما كتبه، وهذا أقرب إلى ميدان التحقيق وإعادة شرح ما قيل وتحصيل الحاصل.
2- أو إعادة قراءة فكر المفكر واكتشاف قضايا جديدة لم يتم معرفتها من قبل.
3- وإما اختيار مفكّر معيّن، وقراءته من خلال هموم الحاضر، وذلك من خلال توظيف فكره في إنارة بعض إشكالات الحاضر، ومن خلال هذه الخطوة يُمكن إعادة تشكيل العقلية السائدة بعقلية بديلة من نفس المرجعية.مثلا لماذا ساد العالم الإسلامي الفكر الديني الأشعري ولم يسُد الفكر الديني المُعتزلي؟ كيف السبيل إلى تحصين الفكر الديني من الغلوّ والتشدد والإقصاء؟ هل نجد الحل عند ابن رشد وابن طفيل وابن باجة وابن عربي؟ ضدا على فكر ابن تيمية وما طرحه كل من أبو الأعلى المودودي والسيد قطب كمراجع لكل التيارت الإسلامية المتشدّدة؟ ماذا لو انتصرنا لمفكرين تنويريّن، وبهذا نكون بصدد إعادة تشكيل العقلية الإسلامية تشكيلا عقلانيا وحداثيا، وثراثنا الإسلامي لايخلو من شمعات أنارت في زمانها عقولا كثيرة قبل أن تمتد إليها أيادي الظلام لتُطفئها باسم التطرف والغلو؟

دائما تدهشني أستاذي العزيز بموسوعية فكرك وغزارة علمك، فعلا ما أحوجنا إلى إعادة قراءة الفكر الاسلامي من خلال قبوله بالاخر ومرونته في التعامل مع القضايا المستعصية من غير تطرف أو انحلال، وذلك من خلال التركيز على الجانب التنويري في الفكر الاسلامي الذي بنى حضارة إسلامية ذات علامة فارقة في التاريخ الاسلامي مع العباسيين ومن بعدهم، حضارة انطلق منها الغرب فوصل إلى ما وصل إليه اليوم، أما نحن فحدنا عنها فغرقنا فيما نحن عليه،
شكرا جزيلا لك أستاذي العزيز، وأتمنى أن تظل دائما منارة نلجأ إلى ضوئها كلما خبا لنا ضوء علمنا فنستزيد من زيت ضوئه حتى نواصل طريقنا نحو اللامحدود في العلم.
بارك الله فيك وشكرا

» لحظة الفلسفة الاسلامية.
» هل التقنية البيداغوجية قد تنتج تلاميذ إرهابيين؟
» هل يجوز إلباس الفلسفة المدرسية بالتعليم الثانوي التأهيلي لبوس الفلسفة الخالصة
» لمشاهدة محاضرات جان بيير فرنان حول تاريخ الفلسفة، وما الفلسفة؟
» الفلسفة البيئية كلحظة من لحظات تطور الفلسفة.