كثيرا ما يُعبّر البعض عن استغرابه من موقف القادة السياسيين الغربيين من تباطؤ في نُصرة !!! الشعوب التي تتعرض للعدوان من قبل حُكامها الطغاة، بحجة أن هؤلاء القادة السياسيين الغربيين يتبجّحون بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.علينا أن نُفكّر مَليّا في هذا التقابل الذي تمخّضت عنه تلك المُفارقة، أي التناقض الظاهري بين المبدأ والممارسة. يُمكن استحضار تعريف وتمييز المرحوم عبد الكبير الخطيبي لمفهوم الغرب، فهو يُميّز بين الغرب الامبريالي ذي الأفق الاستغلالي والبراجماتي، وبين الغرب المُغاير occident différent
والمقصود بهذا الغرب الأخير هو غرب المُفكرين الأحرار وكل المجتمع المدني الذي يتقاسم فكره مع هموم الشعوب التي ترزخ تحت ظلم حُكامها. فإذا كان الغرب الأول براغماتي يبحثُ عن المصلحة بُحكم تركيبته الطبقية التي تنهل ممارستها من رجال المال والأعمال ومُحترفي السياسة داخل أحزاب جُلّها يمينية المرجعية، وهو يملك السلطة في تنفيذ القرارات السيادية، فإن الغرب الثاني مع الأسف بالرغم من قوّته الفكرية وخلفيته الثقافية والفلسفية والحقوقية، فتأثيره في القرار السياسي جدّ ضئيل ومن ثمة يبقى في حدود التنديد ما لم يتحول إلى قوة رأي عام للضغط على السياسيين المُحترفين في هرم السلطة. بالمُحصلة، لا علاقة للغرب الحاكم بقيم الديمقراطية وحقوق الانسان والتي لا يتبجّح بها إلا لحظة الانتخابات، وبالتالي كان من الأولى فهم مواقفه من خلال ميزان المصالح وليس ميزان المبادئ.مثلا هل لرئيس الحكومة الإيطالية برلوسكوني مبادئ.؟ فكثير منه في الغرب إلا أنهم يضعون أقنعة.