بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله،
في هذه المشاركة، أود أن أتطارح معكم رأيا يخص تحضير الدرس الفلسفي، خصوصا وأن السند اليوم لإنجازه هو الانطلاق من نصوص والاشتغال عليها تحليلا ومناقشة، لكنني وجدت أن أي نص كيفما كان نوعه، هو تجربة تاريخية وفكرية، بحيث التعاطي مع مفاهيم النص والوقوف على أطروحته، ومقاربة مضامينه، يتطلب مدخلا يستحضر الإطار التاريخي الذي جاء فيه النص، على اعتبار أنه إنتاج بشري يتأثر بالمؤثرات المحيطية العامة، من هنا أرى لزومية البعد التاريخي والمرحلي للنص خطوة أساسية تساهم بشكل فعال من الاشتغال على مضامينه ومحتوياته الفلسفية، بل وتساعدنا على المقارنة بين تيارات وأطروحات فلسفية متنوعة بخصوص نفس المفهوم أو غيره.
وقد نتساءل عن مدى فعالية هذه الخطوة في إطار التحضير الكلي للنص، سؤال مشروع ووجيه، إلا أن لابد من التأكيد، على أن المقاربة التاريخية للنص ليس الغرض منها السرد الحكائي، والحديث عن صاحب النص كظاهرة تاريخية، وإنما نعتبرها مدخلا لفهم النص في حدوده الزمانية والمكانية والإنسانية على افتراض أن يناقش ويعالج إشكالية وجودية أو معرفية أو حتى اجتماعية معينة تخص ظرفا معينا، وحتى تكتمل الصورة المراد بلوغها من خلال إثارة البعد التاريخي، وأنا بصدد هندسة قبلية لنص (دولوز وغاتاراي)(الغير عالم ممكن)، ونظرا لطبيعة التأليف الفلسفي الذي ميز هذا القران الفكري المنفرد، وجدت بأنه لابد من إثارة نشأة هذا ال(الزواج) المعرفي ، لاعتبارات منها: أولا، الاختلاف بين طبيعتي الشخصين، ثم الاختلاف النظري لكل منهما، ويطرح السؤال: ما الذي جعل هذه الولادة تتم على مستوى التفكير والبناء الفلسفي؟؟ مع العلم أن حضور السيكولوجي في الفلسفي بارز على مستوى نحت المفاهيم ومأسستها، وكذلك العمق الفلسفي للتصور الذي أبرزاه من خلال مقاربة مفهوم الغير، في مؤلف كان عنوانه( ما هي الفلسفة؟)،هذه الصعوبات التي يطرحها تصور النص للغير، يفرض علينا العودة إلى أسباب التوحد الفكري بين كل من (دولوز) و(غاتراي) على اعتبار أنهما يشكلان خطا فكريا ينطلق من روح النقد للعصر الذي جمهما ويالتالي سعيهما لربط التغيير بمفهوم ( الكتابة) من جهة ، ثم من جهة أخرى، تغيير لغة الخطاب الفكري بفكري يجمع بين الخبرة العيادية والتأمل الفلسفي. بهذا التصور أرى أنه من الضروري بناء مدخل تاريخي لكل نص فلسفي، حتى يتم فهمه في عمقه ومحدداته الانفرادية والعلائقية مع بقية التيارات الأخرى، والنص الذي أثرته، أجده نمطا فكريا جاء كخطوة مغايرة لما ساد فرنسا مع الوجودية وخطاب (سارتر) التحرري.
هذا مجرد رأي ، وكل المنى أن نشتغل على أهميته وما مدى وظيفيته في بسط الفكر الفلسفي الذي نريده غاية لأدائنا.