من النسق الفلسفي إلى " فلسفة المجال".
(في مُساءلة "فلسفة" المقالات أو الفلسفة تحت الطلب!!!)
كنتُ دائما أتساءل منذ بداياتي مع تدريس الفلسفة عن الشرط الذي يجعل من المنتمي إلى الحقل الفلسفي أن يصبح فيلسوفا بالمعنى الذي عهدناه في كل رموز الأنساق الفلسفية منذذ أفلاطون حتى سارتر؟ أو على الأقل من خلال هذا " الضجيج الفلسفي" الذي أصبح رائجا عبر العديد من " الدوريات" والمواقع الإلكترونية،كان من الممكن أن يولد " فيلسوف " بكل ما تحمل هذه الكلمة من شرعية معرفية وتاريخية.مع الإشارة إلى أن الدخول في مرحلة الفراغ الفلسفي بعد رحيل مَنْ كان يعتبر نفسه أو كما اعتبرناه بالفعل يستحق لقبب الفيلسوف، وقد خضعت إنتاجاتهم للعديد من القراءات، لها ما لها وعليها ما عليها.وهلل المعرفة الجيّدة بتاريخ الفلسفة (...إيميل بريي..يوسف كرم، عبد الرحمان بدوي...)(وهل بالضرورة مؤرّخ الفلسفة مؤهل لأن يتحول إلى فيلسوف، علما مع إمكانية الفيلسوف أن يتحول إلى مؤرّخ للفلسفة كما هو الأمر مع برتراند راسل)... أو بتاريخ المفاهيم الفلسفية (..لالاند، جاكلين روس، جميل صليبا، عبد الرحمان بدوي)..أو من خلال شرح وتفسير هذا الفيلسوف وذاك، سواء على مستوى تأليف الكتب أو نشر المقالات سواء كانت تعريفية أو نقدية؟ أقصد من يقدمون أنفسهم " باحثين" في المجال الفلسفي(..عبد السلام بنعبد العالي، سالم يفوت، سعيد بنسعيد" طه عبد الرحمان..) لنحط الرحال عند كل من عزيز الحبابي، ومحمد عابد الجابري، ومحمد المصباحي...) أقول هل المعرفة على مستوى الإطلاع والضبط المفهومي شرط لولادة فيلسوف مبدع لا مردّد أوشارح أومفسّر لغيره..بالمحصلة ما الذي منع هذا النوع من الاهتمام بالشأن الفلسفي من أن يحوز شرعية لقب " الفيلسوف"، علما أن الموجة الجديدة مع فوكو ودولوز..كلود ليفي ستروس.... لم تعترف بانتمائها للفلسفة بالمعنى التقليدي للفلسفة، بالرغم من حضور كل الأنساق الفلسفية والعلمإنسانية في إنتاجانهم الفكرية.نفس الأمر ينسحب على هابرماس وجادامير وألان باديو وميشال أونفراي.........
إضافة إلى ذلك كنتُ أتساءل عن أسباب موجة القطع مع " الأنساق الفلسفية" و" الفيلسوف الموسوعي" وخاصة مع بدء انتشار كل أطياف المدرسة البنيوية في الأدب والفن والفلسفة، وكل موجات " الفلسفات النقدية" وما رافقها من موجات " فكر الاختلاف" ضدا على فلسفة الوحدة والنسق والشمولية في مقاربة مختلف الموضوعاتت المرتبطة بالإنسان والوجود في بعده الكوني؟
قًدّمتْ عدة تبريرات حول استحالة بروز أنساق فلسفية مع بروز ظاهرة " النزعة التخصصية" وانفجار الروح الفلسفية الشمولية، لتبرز هنا وهناك " فلسفة المجال" و " فلسفة الهوامش"، ليُصبح المُمكن الفلسفي لكل من هبّ وذبّ،مع التعليل بأن الظروف لمم تعد تسمح ببروز أنساق فلسفية كالتي عهدناها عند الفلاسفة الرواد.
ومع ذلك هناك من الأستاذة من يمنح لنفسه أو يتم تقديمه ب" صفة الفيلسوف " أو يمنحها له صديقه في نفس المشوار الفلسفي، عادة ما يتم تقديم الأستاذ محمد الدكالي بصفته " فيلسوفا"، ونفس الأمر حدث مع الأساتذة محمد المصباحي عبد العزيز بومسهولي، حسن أوزال،عبد الصمد الكباص......
السؤال،هل فقد الإبداع الفلسفي هويته الحقيقية كي يتشظى في اليومي والهوامش والشاذ والجزئي.؟ وعندها يحق لنا التساؤل عن شرعية نقد الأنساق الفلسفية مع الاحتفاظظ بآليتاها التفكيرية أي ما يُصطلح عليه مدرسيا " آليات التفكير الفلسفي"؟وهي من خصوصيات الأنساق الفلسفية موضع مختلف الانتقادات!!!! والحالة هذه،إذا كان الزمن الراهن لا يسمح بإنتاج فيلسوف على مقاس فلاسفة الأنساق الفلسفية المعروفة، فلماذا لازلنا منبهرين بهذه الأنساق ونقتات منها في التدريس والبحث الفلسفي وادعاء التجديد وفق روح العصر؟ أليس من المفضوح أن يستهجن البعض مفهوم الفليسوف كي يجد لنفسه مكانا في جغرافية الفكر من خلال حجة أنّ لكل مرحلة فكرها وطريقة تفكيرها، طيّب، وبالتبعية لم تعد الأنساق الفلسفية التقليدية بالتبعية قادرة على استيعاب هذا " الجديد" وعلى " الفلاسفة الجدد " أن يجدوا لأنفسهم " مرجعية الراهن " و" مرجعية اللحظة" من باب امتلاك شرعية التفكير من دون استغلال من أصبح جزء من الماضي، وعلى أبناء الحاضر أن يتدبروا أمورهم الفلسفية بأنفسهم،أو على الأقل الحسم صراحة في كيفية حضور الماضي الفلسفي في الحاضر الفلسفي...!!!
قد يبدو هذا الحكم مُجانبا للصواب، وقد يبدو أنه يخلط بين شرعية النسق الفلسفي في زمانه، وبين استعادة ما لا يُمكن أن يوجد بسبب انتفاء مبررات وجوده، ولا يُمكن استنساخ أو تقليد مثال لا تتوفر ظروف نشأته. أقول هذا نقد مشروع. ومع ذلك ،أو على الأقل ، يجب أن يخضع القول الفلسفي إلى شروط ذاته كقول فلسفي، وهنا تُطرح قضية " الثابت والمتحول " في مسار الشأن الفلسفي (ولا أريد استعارة مفهومي " المحترفين والهواة")بل أكثر من ذلك مفهومي ( COPIER.COLLER) الذي ابتليت بهه كثير من " الإنتاجات الفلسفة ".
سؤال أخير، كيف نفسّر أيضا كون مدرس مادة الفلسفة قضى عمره التدريس في تعليم الفلسفة دون أن يرتقي من مستوى المهنة وما تتطلبه من مقتضيات بيداغوجية وديداكتيكية،إلى مستوى الكتابة الفلسفية، أو على الأقل دخول مغامرة مُساءلة تجربته مع الدرس الفلسفي؟