فيلوصوفيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
اتصل بنا
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Contac10
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» تذكير ديداكتيكي بخصوص الدرس الفلسفي.
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:47 pm من طرف كمال صدقي

» مُعينات ديداكتيكية رقم 13
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:45 pm من طرف كمال صدقي

» مُعينات ديداكتيكية رقم 11
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:44 pm من طرف كمال صدقي

»  العقل الفلسفي والعقل البيداغوجي
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:42 pm من طرف كمال صدقي

» إلى أيّ مدى يُمكن الحديث عن تعثّر فلسفي على المستوى التعليمي؟
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:33 pm من طرف كمال صدقي

» الفلسفة لعامّة الناس.. عن القيمة اليومية للفلسفة
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:32 pm من طرف كمال صدقي

» إشكالات ديداكتيكية
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:30 pm من طرف كمال صدقي

» كفى من جعل الفلسفة معبدا مقدّسا
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:28 pm من طرف كمال صدقي

»  ما أسباب تعطيل الاستئناف الفلسفي ؟
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:27 pm من طرف كمال صدقي

» متى سنبدأ الإستئناف الفلسفي بجدية وحزم ؟
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10اليوم في 12:11 pm من طرف كمال صدقي

مواقع صديقة
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Philo-10
سحابة الكلمات الدلالية
والحرية الضرورة مجزوءة وجود الطبيعة الدولة الفلسفة الغير قيمة التاريخ مفهوم السياسة جذاذة معرفة الشخص العلوم النظرية الحقيقة الرغبة نصوص البشري الحق الطبيعي الفاعلية الشغل الوضع

 

 مسألة العلمية في العلوم الإنسانية

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
كمال صدقي
مدير المنتدى
كمال صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 2399
العمر : 68
البلد : أفورار
العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الأربعاء يناير 28, 2009 6:42 pm

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية
( من أجل الاستئناس)
تقديم منهجي وتأطير:
1- بأي معنى يحضر مفهوم العلوم الإنسانية كمشكلة فلسفية؟ما طبيعة علاقة هذا المفهوم بالمفهوم السابق: النظرية والتجربة، وأخيرا ما علاقة هذين المفهومين بمفهوم الحقيقة؟ وما مبرر جمعهم في إطار مجزوءة المعرفة؟
2- مع الأسف غالبا ما يتناسى بعض السادة الأساتذة التفكير مع التلاميذ في التمفصلات الوظيفية بين مفاهيم المجزوءة، لحساب قراءة تجزيئية تُفقد البعد الإشكالي لتعالق المفاهيم داخل نفس المجزوءة.
3- في بداية التقديم لمجزوءة المعرفة، أشرنا إلى أن الرهان يتعلق بكون الإنسان يتمز عن الحيوان، من جهة ميله لإعطاء معنى لذاته وللآخر وللعالم. فمن تجليات هوية الشخص الإنساني أنه ذات عارفة بامتياز، أما الحيوان فهو مُستغرق في وجوده بشكل غريزي. من هذا المنطلق فكّر الإنسان في العالم الخارجي من أجل السيطرة عليه وتأكيد حريته بتملّكه لقوانين هذا العالم كضرورة( كما بيّن كانط، بخلاف عالم الإنسان الذي هو عالم الحرية) هذا العالم الضروري تتطلب معرفة حقيقته، من أجل التحرر منها ( كما رأينا في مفهوم الشخص: بين الحرية والضرورة وخاصة مع ماركس وغرامشي). فمعرفة عالم الطبيعة مدخل لتأسيس وجود الذات في العالم، وقد تدرجت هذه المعرفة من معرفة خرافية ثم أسطورية ....وصولا إلى معرفة علمية، حدّدت بدقة موضوعها ومنهجها وغاياتها.إذن معرفة الطبيعة ( كعالم مادي ينوجد فيه الإنسان) ضرورة حياتية قبل أن تكون طموحا فكريا. فالمعرفة هي السلاح الوحيد الذي يُجدّد للإنسان وجوده، يتجدّد السيطرة على الطبيعة من خلال فهم أكثر لقوانينها، وهذه العملية/ المعرفة لامتناهية بلاتناهي أشكال الوجود المعطاة أو التي يجب إنشاؤها أو الموجودة على شاكلة الكمون، فالعلم تاريخي، وتاريخيته تحكم عليه بالنسبية، ما دام تاريخ العلم هو تاريخ تصحيح الأخطاء.هذا الهمّ المعرفي للطبيعة لا يمكن أن يُنسي الذات العارفة حقيقة وجودها هي.
4- من مُعيقات بناء مفهوم العلوم الإنسانية- ويجب الحسم فيها مع التلاميذ منذ البداية من أجل بناء جيد لمسار المفهوم-والمتمثلة في بعض الأحكام الجاهزة التي تُطرح دون التأكد من مصداقيتها ،ونفرضها على التلاميذ كمسلمات.ومن بين هذه المعيقات، أن معرفة الإنسان جاءت متأخرة مُقارنة مع معرفة الطبيعة، ويستعمل مفهوم : الميلاد المتأخر!! مع العلم أن أصل المشكل بدأ مع " الوضعيين " الذين من مصلحتهم مُطابقة الموضوع الإنساني بالموضوع المادي حتى يتخلصوا من ما يزعمون أنه ميتافيزيقا ولاهوت ( بخلفية إصلاح المجتمع والتخلص من رواسب العصور الوسطى الكنسية، وبرز هذا المنحى بالخصوص في فرنسا......)لا يتعلق الأمر بتأخر بقدر ما يتعق بضرورة المرحلة، إذ أن أسئلة كل " إبستيمي " لها ما يبررها بفعل نضج الظروف وبروز إشكاليات جديدة تقتدي طرح أسئلة جديدة.فلفظ" تأخر" فيه لوم من جهة لماذا لم يحصل ذلك سابقا، وهذا سؤال مغلوط.ولا يمكن تحميل السابقين مسؤولية عدم التفكير فيه، مع أنهم فكروا فيه بما تسمح به الشروط المعرفية لعصرهم. مثلا قال سبينوزا:" ...إن انفعالات الكره والغضب والحسد وغيرها هي في حدّ ذاتها، كسائر الأشياء المتفرّدة، ناتجة عما تقتضيه الطبيعة من ضرورة واحدة، وما تتصف به من خاصية واحدة...سأنظر في الأفعال والشهوات البشرية كما لو كانت خطوطا ومساحات وأجساما" ( الأخلاق- الجزء الثالث). ومن المعيقات الأخرى "كمسلمات" أن المعرفة العلمية حسمت في قضية الفصل بين الذات والموضوع، وبالتالي تحقق العلمية في المعرفة العلمية كان بسبب موضعة الظاهرة الطبيعية ( المادية ). فهذا وهم لا يجب أن نخدع به تلامذتنا ويجب مُساءلته وأشكلته في أفق نقده ووضعه ضمن سياقه الحقيقي، وهذا ما حاول التنبيه إليه توماس كون في كتابه :بنية الثورات العلمية،
http://www.esnips.com/doc/581bcb34-4950-49b8-96f5-89a7689a0e1f/168.بنية-الثروات-العلمية
أو الرابط http://www.4shared.com/file/65335502/db82ffde/___-___.html

ثم المفكر ستيفن روز في مؤلفه علم الأحياء والإيديولوجيا والطبيعة البشرية.
http://www.esnips.com/doc/bc37b183-01be-4af4-a57f-88695691bffc/148.علم-الأحياء-والايديولوجيا-والطبيعة-ب

..فالحسم في علمية "العلوم الإنسانية "ولو بالتلميح منذ بداية بناء الدرس، قد يفسد الطابع الإشكالي للتفكير في مباحث تراهن على تحقيق " العلمية" فيما يتعلق بالوجود الإنساني، ولهذا يجب تنبيه التلاميذ إلى تناقض ظاهري في مقاربتنا للمشكل المطروح، أقصد :كيف نسميها علوما إنسانية، وفي نفس الوقت نقوم باختبار مدى علميتها( ربما علم الاقتصاد حسم علميته). والسؤال: هل مقاربة المفهوم تراهن على إثبات علميتها أم إبراز صعوبتها أم الرهان على طريق ثالث يؤسس ل " علمية " جديدة ليست بالضرورة هي علمية العلوم التجريبية. والحالة هذه تجاوز الخلط في المفهمة صعب وقد يخلق بلبلة فكرية لدى التلميذ.يجب خلق دهشة لدى التلميذ( وسأرجع إلى نص هوسرل: هل نسي العلم الإنسان؟) لندفعه إلى التفكير في مدي إمكانية تجريب وتكميم وإحصاء الحرية والإرادة والوعي. آخر المُعيقات وهي الحذر من انزلاق تفكير التلميذ إلى استنتاج أن سؤال علمية الإنسان يؤسس لفشل الفلسفة في فهم حقيقية الأنسان. ومع الأسف نجد خطابا رائجا يربط الفلسفة بالتأمل والتشبع بالروح الميتافيزيقة...( ونحن في حضرة الدرس الفلسفي)وأن البديل هو وضع حد لشطحات الفلاسفة وخيالاتهم من خلال مقاربة الإنسان" علميا "( أرجو الانتباه إلى اختلاط الروح الوضعية بقضية مشروعية معرفة الإنسان معرفة حقيقية ( حتى لانقول " علمية ") ويجب مساءلة مفهوم العلمية ذاته، ووضعه بين مزدوجتين.)
5- يجب أن لاننسى ما فكّرنا فيه مع تلامذتنا في السنوات السابقة بخصوص سؤال الإنسان، حتى لا نبخس اجتهادات شامخة ، بسبب مشكلة طرحها " الوضعيون " تحت خلفية التخلص من التفسيرات اللاهوتية والفلسفية والميتافيزيقة للإنسان.( التخلص من أية نزعة إنسانية ونحن نعلم الخلفيات الإيديولوجية للوضعيين والتي لا علاقة لها بالعلم مباشرة..)... وأشير هنا فقط- كإنصاف للفلاسفة- لمنهجية ديكارت في رغبته تأسيس علم جديد، ولكن تبين له أن هذا التأسيس رهين بتأسيس الذات العارفة أولا، وتخليصها من الأوهام، وحسم بأن معرفة الذات مدخل لمعرفة العالم علميا.( وهذا ما أسس للإشكالية التالية: هل معرفة العالم مدخل لمعرفة الإنسان أم معرفة الإنسان أولا مدخل لمعرفة العالم؟ هنا يجب الانتباه إلى عدم السقوط في فخ غير مُعلن عليه في مفهوم العلوم الإنسانية، وهو لأول مرة بعد مَضي ستة وعشرين قرنا من الفلسفة والعلم، اكنشف الإنسان أنه لا يعرف نفسه معرفة حقيقية، والحل هو تجريب معرفتها بنفس طريقة ومنهجية العلوم الطبيعية.!!!أي أن الحل السحري يكمن في " المنهج التجريبي" كما سنرى مع " إيميل دروكايم " في محاولته تشيئ الذات حتى يمكن معرفتها معرفة موضوعية، وكأن المنهج التجريبي هو نهاية اكتمال العلم، وبه وصلنا إلى مطلق هيجل، وبالتالي اعتبرناه النموذج والعبرة، متناسين أن العلم نسبي ومتطور ومصحح لذاته عبر السيرورة التاريخية.
والحالة هذه نحن مُجبرون على الدخول ضمن لعبة " الوضعيين " في إمكانية معرفة الإنسان معرفة علمية على غرار معرفة عالم الطبيعة. من هذه الخلفية نشأت قضية مصطلح : العلوم الإنسانية، التي تم تدشينها في علم النفس مع فلهايم فونت الذي أسس سنة 1875 أول مختبر علمي للدراسة النفسية التجريبية( لا يهم من أسس أو من سبق للتسمية ) .وقبله أوجست كونت الذي راهن على إمكانية قيام علم الاجتماع الفيزيائي... والبقية ستأتي.
إذن موضوع" العلوم الإنسانية " هو سلوك الإنسان في بعده الفردي النفسي ثم الاجتماعي والتاريخي واللغوي...وقد اختلف في تسمية هذه العلوم ( بالجمع وليس بالمفرد !!!!)فهناك من سماها بالعلوم المعنوية تمييزا لها عن العلوم المادية،
**** يمكن الاستئناس بالمرجعين التالين:
1- مشكلة العلوم الإنسانية..يمنى الخولي:
http://www.4shared.com/file/73017440/a905ed20/______.html

2- لوسيان غولدمان: العلوم الإنسانية والفلسفة:

http://www.4shared.com/file/83128301/b29ea5b8/467-Science_huma_philo.html
3- تكنولوجيا السلوك الإنساني
http://al-mostafa.info/data/arabic/aalam/Issue-032.pdf
4-جون لويس: الإنسان ذلك الكائن الفريد

http://www.4shared.com/file/22133660/48de498e/___.html?dirPwdVerified=a2bb4e2a
]المجال الإشكالي[/size]:
1-المحور الأول: موضعة الظاهرة الإنسانية:
هل يمكن دراسة الظواهر الإنسانية دراسة موضوعية، بمثل منهجية العلوم التجريبية على موضوع الطبيعة؟ كيف تتحقق الموضوعية في ظل أن الإنسان هو ذات للمعرفة وموضوع لها في نفس الوقت؟ إذن ما هي شروط إمكان موضعة الظاهرة الإنسانية أو ما أسباب استحالة موضعتها؟ وما رهان تسميتها بالعلوم في حالة استحالة الموضوعية؟
2- المحور الثاني: التفسير والفهم ومشكلة المنهج في العلوم الإنسانية.
ما هو المنهج الملائم للظاهرة الإنسانية؟ هل هو منهج الفهم أم منهج التفسير؟ وما مبرر طرح قضية المنهج وما طبيعة علاقته بموضوع العلوم الإنسانية؟ وما مصير المنهج العلمي الوصفي والتجريبي الخاص بالظواهر الطبيعية الذي كان من الأسباب إلى طرح مسألة علمية العلوم الإنسانية؟
3- المحور الثالث: مسألة نموذجية العلوم الإنسانية.
إذا كانت العلوم الإنسانية تراهن على تأسيس علم خاص بالظاهرة الإنسانية، فأي نموذج اتخذته كمعيار لعلميتها؟ثم لماذا قضية النموذج؟ هل الأمر يتعلق بمنهج جاهز تستورده من خارج مجالها ( وهذا ما يُحيل إليه مفهوم النموذج) أم تسعى إلى تأسيس منهج " علمي " خاص بخصوصية موضوعها: أي الذات كوعي وحرية وإرادة؟
بناء الإشكال:

المحور الأول: موضعة الظاهرة الإنسانية
موقف أنصار الموضعة:
أ- يقول دوركايم (1858-1917)في كتابه قواعد المنهج في علم الاجتماع:" ...علينا أن نعتبر الظواهر الاجتماعية في ذاتها كظواهر مستقلة عن الذات الواعية التي تتمثلها. علينا أن ندرسها من الخارج باعتبارها أشياء.
ب- يقول تيوديل ريبو (18399-1916 ):" إن علم النفس المعني هنا سيكون تجربيا صرفا، إذ سوف يكون موضوعه الظواهر فحسب وقوانينها وأسبابها المباشرة، ولن نهتم لا بالنفس ولا بماهيتها، لأن هذه المسألة بحُكم تعاليها عن التجربة وكونها خارج مجال التحقيق، تنتمي للميتافيزيقا... إذن يتمثّل المنهج الموضوعي في دراسة الحالات النفسية من الخارج لا من الداخل، من خلال الوقائع المادية التي تُعبّر عنها، لا من خلال الوعي الذي تصدر عنه تلك الحالات."(مأخوذ من مقرر الفلسفة التونسي " أنا أفكر ")
ج- يقول " واطسون ":" السلوكية هي محاولة لفعل الأمر التالي: أن نُطبق في الدراسة التجريبية على الإنسان عين الطريقة ونفس اللغة الوصفية التي اعتبرها الكثير من الباحثين مفيدتين في دراسة الحيوانات الأدنى من الإنسان."
( من أنا أفكر )
تحليل ومناقشة:
1- راهن الوضعيون ( أقصد المعتنقين للفلسفة الوضعية التي أسسها أوكست كونت ، والقائلة بأن الفكر البشري لا بستطيع أن يكشف عن طبائع الأشياء، ولا عن أسبابها القصوى وغاياتها النهائية، بل يمكنه معرفة ظواهرها بالكشف عن علاقاتها وقوانينها ولن يتحقق هذا إلا بشرط الابتعاد عن كل ميتافيزيقا وتأمل، وبالتاي المعرفة الصحيخة هي المعرفة المبنية على الواقع والتجربة، وأن العلوم التجريبية هي التي تحقق المثل الأعلى لليقين، على اعتبار أن الفكر لا يستطيع أن يدرك إلا العلاقات والقوانين. جميل صليبا. المعجم الفلسفي ص 578-579 ) على إمكانية تتحوّل الإنسان إلى موضوع علمي، بشرط اعتباره " شيئا " أو " أداة " أو " آلة " أي واقعا خارجيا، حتى يمكن ملاحظته.
لأن من شرط تحقق العلمية والموضوعية، الفصل بين الملاحظ وموضوعه. فدوركايم يزعم إمكانية موضعة الظاهرة الإنسانية بتحولها إلى " شيء "، يضطر معه العالم إلى التزام " الحياد " واستبعاد الذاتية.وهذا ما قام به في دراسته لظاهرة الانتحار.( إرجع لهذا الكتاب بهذا المنتدى- مؤلفات فلسفية بالفرنسية، وكذا دراسات سان سيمون..)

http://www.esnips.com/doc/1d232328-d2e8-4585-89e7-6c1d38af4e14/suicide_Livre_1
2- إن القاسم المشترك بين المدافعين عن موضعة الظاهرة الإنسانية هو إيمانهم بما يلي:
أ- تشيئ الظاهرة الإنسانية.
ب- الحكم عليها من الخارج.
ج- التخلص من الأحكام المُسبّقة، والوعي، والللاوعي، والغائية والقيم ( الأخلاق )والمعتقدات اللاهوتية والميتافيزيقية وكل نزعة ذاتية تأملية أو حدسية أ استبطانية...إلخ
د- إمكانية تكميم وترييض وإحصاء وقياس.... الظاهرة الإنسانية كما هو الأمر في عالم المادة.يقول " دانيال لاغاش ":ينزع الاتجاه الطبيعي في علم النفس إلى إقصاء الوعي وإلى معالجة الوقائع النفسية كما لو كانت أشياء. ونجد هذا التشيئ الأكثر تجذرا والأكثر تماسكا في سلوكية واطسون. فموضوع علم النفس هو السلوك في محتواه الظاهر والمادي. بيقول تيوديل ريبو :" ولابد لعلم النفس أن يحترس أيضا من الأخلاق، لأنه شتان ما بين ملاحظة ماهو كائن وتحديد ما يجب أن يكون، وما بين الاقتصار على الوقائع والبحث عن عن مثل أعلى. فعالم النفس يختلف عن رجل الأخلاق مثلما يختلف عالم النبات عن البستاني، ففي نظر العالم لا توجد نباتات جميلة أو قبيحة، فهي كلها موضوعا للدراسة، أما عند البستاني فهناك نباتات ضارة وطفيلية لا بد من قلعها وإحراقها. فمقاضاته الاستعجالية تتجه بالأحرى إلى الإدانة منها إلى المعرفة. ( من أنا أفكر )
حججهم في الدفاع عن مشروعية العلمية:تبرير الصعوبات
1-عدم التوصل بعد بشكل دقيق إلى موضعة الظاهرة الإنسانية ليس معناه استحالة موضعتها، فهي تبدو الآن معقدة كما كانت الظواهر الطبيعي تبدو لعلماء القرن العاشر الميلادي فبل أن يتوصلوا إلى دراستها علميا.
2- القول بأن الظاهرة الإنسانية لا تخضع للتجربة لايمنع من دراستها علميا، الدليل أن الظواهر الفلكية لا يمكن إخضاعها للتجربة/ مثلا لا يمكن إحداث كسوف اصطناعي ، ومع ذلك دُرس الكسوف دراسة علمية ويتم قياسه وترييضه.
3- كما أن مشكلة الحتمية لم تعد مطروحة في الظواهر الإنسانية، لأنه ثبت خضوع الإنسان لحتمية الظروف المناخية والجغرافية والسلالية وعوامل الوراثة ..إلخ
ي-البحث عن أساس علمي للعلوم الإنسانية، ليس بالأمر الهين بالرغم من تفاؤل أتباع المذهب الوضعي. وحتى لا نصادر على حق هؤلاء في رغبتهم في تأسيس علمية العلوم الإنسانية، وهي مطلب شرعي، لكن المشكلة في مرجعية هته العلمية ومدى النتائج المرجوة تحقيقها- كما سنرى في نموذجية علمية العلوم اإنسانية.وهذا يعني أن مجرد التفكير في العلمية يُشرّع للتفكير في النتائج المرافقة لمطلب العلمية. فميرلوبونتي مثلا يعترف لعلم النفس التجريبي بفتح جديد مقارتة مع علم النفس التقليدي. يقول:" قدّم علم النفس الجديد تصورا جديدا لإدراك الآخر. لقد كان علم النفس الكلاسيكي يقبل دون جدل التمييز بين الملاحظة الداخلية أو الاستبطان وبين الملاحظة الخارجية، فلم تكن الوقائع النفسية، مثل الغضب والخوف، لتُعرف مباشرة إلا من الداخل، ومن قبل من يُحس بها، وكان من البديهي أنه لا يمكن أن أدرك من الخارج إلا العلامات الجسدية للغضب أو الخوف وأنه لتأويل هذه العلامات، علي أن أعمد بواسطة الاستبطان إلى المعرفة التي أحملها قي ذاتي عن الغضب أو الخوف. أما اليوم، فعلماء النفس ينبّهون إلى أن الاستبطان في الواقع لا يقدم إلي أي شيء تقريبا. فإذا حاولت دراسة الحب أو الكره باعتماد الملاحظة الداخلية الصرف، تراني لا أجد إلا شيئا ضئيلا أصفه....وبما أن الانفعال ليس واقعة نفسية وداخلية، وإنما تغيّر في علاقاتنا بالآخر والعالم، تغيّر يرتسم على هيأتنا الجسمية، فلا يجب أن نقول بأن علامات الغضب أو الحب في وحدها الظاهرة للملاحظة من الخارج، وأن الآخر نتفهّمه بطريقة غير مباشرة خلال تأويل هذه العلامات، بل يجب أن نقول بأن الآخر معطى إلى ببداهة على أنه سلوك... وبوجه عام، فعلم النفس الحديث لا يجعلنا نرى الإنسان على أنه فاهمة تبني العالم ، وإنما نراه على أنه كائن قُذف به في هذا العالم، وانشد إليه كما لو كان انشدادا برباط طبيعي. ومن ثمة يُعلمنا علم النفس كيف نرى من جديد هذا العالم الذي نتصل به بسطح كينونتنا برمّته، في حين أن علم النفس الكلاسيكي كان يهمل العالم المعيش لفائدة عالم نجح الذكاء العلمي في بنائه." ( المعنى واللامعنى )
الموقف المتحفظ من الموضعة.
جان بياجي


عدل سابقا من قبل كمال صدقي في السبت ديسمبر 17, 2011 8:47 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo.forumarabia.com
كمال صدقي
مدير المنتدى
كمال صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 2399
العمر : 68
البلد : أفورار
العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الجمعة فبراير 06, 2009 6:53 pm

الموقف المتحفظ من الموضعة.
- موقف جان بياجي:تحليل ومناقشة
1- من شروط تحقيق الموضوعية، إزاحة تمركز الذات حول ذاتها، أي الفصل بين الذات ( الحاملة لقيم معرفية وأخلاقية وإيديولوجية.. ) والموضوع كواقع معطى خارج الذات وقابل للملاحظة، لأنه يحمل حقيقته في ذاته باستقلال عن الذات العارفة.هذا الشرط صعب التحقق في العلوم الإنسانية.
2- يرجع السبب إلى صعوبة الفصل بين الذات الأنوية ( باعتبارها ما يُشكل هوية الأنا المعرفية والأخلاقية ) والذات العارفة ( المراهنة على معرفة الموضوع بطريقة موضوعية) يكمن المشكل في مُطالبة الذات بالتجرد عن هويتها (كأنا ) حتى تتحول إلى موضوع، ومن ثمة قابلية ملاحظة الذات لذاتها من الخارج بتجاهل ذاتيتها من خلال الحياد تجاه معرفة الذات لذاتها.هذا الفصل بين الملاحظ والموضوع ممكن عي معرفة الظواهر الطبيعية حيث لا تختلط الذاتية بأحكام العالم الذي يصف الموضوع كما يتبدى للعالم في حقيقته المعطاة. كمثال : الحكم بعد الملاحظة والاستقراء والتجربة على أن جميع المعادن تتمدد بالحرارة، حكم مُتعلق بالموضوع لا بالذات، وفي هذا الحكم لا تختلط الذات بموضوعها، وكلما تكررت نفس الأسباب تتكرر نفس النتائج، لأن الأسباب المشكلة لحقيقة الموضوع
ثابتة... لكن حينما يتعلق الأمر بالطلاق أو الانتحار أو التخلف.. ففي هذه الظواهر الإنسانية تختلط فيها الذات بالموضوع لأنها ظواهر غير ثابتة وغير واضحة...مثلا حينما صفعت زوجة زوجها فطلقها، لا يعني أن كل من صفعت زوجها سيطلقها، بمعنى إذا تكررت نفس الأسباب تتكرر نفس النتائج. فأسباب التخلف مثلا مركبة ومعقدة وغير ثابتة ، بمعنى ليس من الضروري أنه لو تكررت نفس أسباب تخلف العرب لدى شعب آخر سيعرف بدوره نفس مظاهر التخلف... وبالتالي لا يمكن للذات أن تنفصل عن ما يؤسس هويتها الإيديولوجية والاجتماعية والثقافية، مثلا هناك من يُرجع أسباب التخلف لغياب الإيمان الدبني( التخلف عندهم هو الفساد الأخلاقي وغياب الطهرانية) وهناك من يرى أن السبب في الطبقات الحاكمة المستحوذة على القرار السياسي وخيرات البلاد.. وهناك من يرجع أسباب التخلف إلى عوامل داخلية ( التفكك الاجتماعي والاستلاب) مع عوامل تاريخية: الحضور السلبي للتاريخ كما ضي مهيمن على الحاضر وهناك من يرى التخلف في البنيات الكولونيالية المعرقلة لعملية التقدم....إلغ. ففي الظواهر الاجتماعية مثلا لا نكون في مجال الوصف والاستقراء- كما سنرى في النظريات الاجتماعية نهاية مقاربة المفهوم- بل نكون يصدد الفهم والتأويل أي الفهم ( مع التنظير ) وليس التفسير .
3- وهذا ما أكده الباحث فرانسوا باستيان قائلا:" إن الباحث الاجتماعي لا يستطيع الانفصال كلية عن مجتمعه الذي هو موضوع دراسته... لأنه يكون منخرطا بالضرورة في صراعات صريحة أو ضمنية من أجل الاعتراف والسلطة."
تركيب ومساءلة:
1-إذن من الصعب تحييد أنوية الذات لفائدة الذات العارفة كما هو الشأن في العلوم الطبيعية.
2- اللامفكر فيه: لماذا هذا الإصرار على التعامل مع الذات الحية ( كوعي وروح ( ما هونفسي) وحرية وإرادة ، وتجربة معيشية وجودية) بمثل التعامل مع المادة الجامدة؟.لماذا لا يكون لمطلب علمية الظاهرة الإنسانية مسار آخر ومنهج أخر غير مسار ومنهج العلوم الطبيعية ، بالرغم من المسلمات الوضعية المُنتشية بالتقدم العلمي في القرن التاسع عشر. نعم مطلب العلمية مطلب شرعي وضروري ، لكن المشكلة في إدخال الظاهرة الإنسانية في قالب المقاربة العلمية للعلوم الطبيعية بالقوة( هنا نتساءل عن الخلفيات الإيديولوجية للمطلب الوضعي الذي نظّر له كونت وأتباعه،من خلال الرهان على تشييئ الظواهر الإنسانية، بالرغم من أنها ظواهر عقلية أو روحية أو معنوية...وهذا ما جعل فيلهلم دلتاي بقول:" إن للعلوم الروحية( العلوم الإنسانية)الحق في أن تبني منهجا بنفسها، انطلاقا من موضوعها. وفي هذا الإطار ينبغي لها أن تنطلق من النفاهيم الأكثر عمومية في الميتودولوجيا، وأن تحاول تكييفها مع موضوعاتها الخاصة بها حتى تُكوّن - في مجالها الخاص - مناهج ومبادئ دقيقة كما هو الحال في العلوم الطبيعية. فنحن لا نكون أتباعا حقيقيين للعلماء عندما ننقل المناهج التي طوروها في مجال اختصاصاتهم، بل نكون كذلك حين نُكيّف بحثنا مع طبيعة الموضوع ونتصرف تجاهها كما تصرفوا هم تجاه موضوعاتهم.."
المحور الثاني: التفسير والفهم. قضية المنهج
لا وجود لعلم من دون منهج يتناسب مع موضوعه في أفق إنتاج معرفة حقيقية بالموضوع. السؤال ما المنهج الذي يؤسس لعلمية الظواهر الإنسانية، هل التفسير أم الفهم ؟ وما الفرق بين هذين المنهجين؟ يُجيبنا غاستون غرانجي قائلا:" التفسير منهج قائم على الكشف الموضوعي للعلاقات السببية الثابتة بين الظواهر أو الحوادث واستنتاج أن الحوادث المدروسة تنشأ عنها.. إنه منهج العالم الفيزيائي.. بيد أن الأمر على خلاف ذلك في حال الأفعال والحوادث الإنسانية، فها هنا لا نفسرالأفعال بل نسعى إلى فهمها... وتقديم تأويل يرمي إلى فهم الفعل الإنساني.
تحليل ومنافشة:
1-إذن الفهم نشاط عفلي تأويلي يستخلص الدلالات والقيم، أما التفسير فيعتمد الوصف والعلة والتنبؤ.
2- التفسير منهجية علمية تتناسب مع الموضوع الفيزيائي القابل لتحديد علاقاته المحددة بعلل تابثة وقابلة للتكرار، ومن ثمة مطابقة تلك القوانين مع الظاهرة نفسها، وكلما تكررت نقس الأسباب تحدث نفس النتائج مما يسمح بإمكانية التعليل والتنبؤ.
3-لكن في " العلوم " الإنسانية حدوث المطابفة بسبب ثبات العلل وقابليتها للتكرار ومن ثمة التنبؤ غير ممكن. يقول كلود ليفي ستروس:"إن العلوم الإنسانية لا تُفسّر الظواهر تفسيرا نهائيا ولا تتنبأ بقين تام...ويظهر أنه محكوم عليها بأن تسير في طريق سيّئ لا يسمح ااسائر فيه ... استخلاص ما بتوجب استخلاصه."
4- لهذا هناك من يرى أن منهج الفهم بتناسب مع العلوم الإنسانية، لأنه يراهن على إدراك دلالة الظاهرة وليس تفسيرها،بسبب صعوبة إن لم نقل استحالة تشيئ الظواهر الإنسانية، بالإضافة إلى أن قوانينها غير ثابتة وبستحيل تكرارها. لهذا قال دلتاي مدافعا عن المنهج التفهّمي التأويلي :" تتميز العلوم الروحية عن العلوم الطبيعية بكون هذه الأخيرة عبارة عن ظواهر تتقدم للوعي باعتبارها ظواهر معزولة وخارجية، في حين تتمظهر هذه الظواهر للعلوم العقلية لاعنبارها مجموعا حيّا... لهذا نفسّر الطبيعة ونفهم الحياة النفسية... وينتج عن هذا أن المناهج التي ندرس بها الحياة الحياة الروحية والتاريخ والمجتمع تختلف عن المناهج التي تقود إلى معرفة الطبيعة." ويقول جون مونرو في كتابه " الوقائع الاجتماعية ليست أشياء":" إننا نفهم بعض الحوادث بالبداهة، مثلا غضب شخص حين الاعتداء عليه..كل محاولة لتأسيس الفهم ( البداهة ) على أساس الاستقراء هي محاولة ستُفضي إلى تقويضها.
إذن يعتقد هذا الموقف المتبني لمنهج التفهم التأويلي استحالة تطبيق المنهج التجريبي الاستقرائي على الظاهرة الإنسانية، بسبب استحالة تشييء الإنسان لأن ماهيته أنه وعي وروح وحرية وإرادة. ففي تطبيق المنهج التجريبي مُخاطرة التضحية بالذات كما يقول العلماء. يقول ماكس بلانك:" كل عملية الفكر العلمي ... جهد مستمر لنزع ذاتية الإنسان و إقصائها، أي علينا أن ننسى الإنسان اندرس الطبيعة، ولنكستكشف القوانين الطبيعية."
ونتيجة لموقف ماكس بلانك يمكن الرجوع إلى نص هوسيرل : هل نسي العلم الإنسان؟لنكتشف كم كان العلم الوضعي متجاهلا الأسئلة الأساسية التي تخص معنى الوجود البشري أو غيابه." الإنسان باعتباره كائنا حرا إزاء محيطه الإنساني والطبيعي، وتخصه من حيث هو من يختار بحرية إمكاناته..."
المحور الثالث : مسألة نموذجية العلوم الإنسانية.
(فضلنا هذه العبارة على عبارة : نموذجية العلوم التجربية، بسبب أن هذه الأخيرة تحيل إلى نموذج واحد هو المنهج التجريبي، وهذا مناقض لمسار بناء المفهوم، لأننا انتهينا إلى خصوصية الظاهرة الإنسانية، والرهان هو البحث عن بديل
لدى المعترضين على تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية.)
1- المسكوت عنه في هذا المحور هو :هل التحفظ على المنهج التجريبي التفسيري الاستقرائي كنموذج علمي غير قابل للتطبيق على الظواهر الإنسانية، يعني ضرورة إعادة النظر في هذا المنهج أو البحث عن نموذج علمي آخر غير المنهج الوضعي ( كان من المفروض أن نقدم الدليل على فشل أو نجاح المنهج الوضعي في مقاربة الظاهرة الإنسانية، لأن هناك مكاسب في مجال كالاقتصاد وعلم النفس، وتعثرات في مجال آخر مثل علم الاجتماع والتاريخ والانتروبولوجيا...). السؤال ما هو هذا النموذج؟ مع أننا أجبنا على هذا السؤال في المحور الثاني.
2- هناك من يقترح تكييف المنهج التجريبي الوضعي مع الظاهرة الإنسانية وجعله مرنا يستوعب الموضوع الإنساني ( فيليب لا بروت..)
3- وهناك الموقف الفينومينولوجي الذي يشكك في تكييف المنهج التجريبي مع الظاهرة الإنسانية ( ميرلوبونتي) لأن العلم كما بيّن هوسيرل ينسى التجربة الوجودية للذات، ومع ميرلوبومنتي ينسى العلم الوضعي التجربة المعيشية للذات...
4-هناك من يقترح بالإضافة إلة نمةذج المنهج التفهمي التأويلي، المنهج الإنشائي في معرفة الظاهرة الإنسانية، هذا المنهج يمنح للذات العارفة دورا خلاقا وفاعلا في إعادة بناء الظاهرة الإنسانية وفهمها.( على غرار نموذج المنهج العلمي العقلاني التطبيقي المتعلق بالموضوعات الميكروفيزيائية. وسبق أن تعرفنا على هذا المنهج في مفهوم النظرية والتجربة مع إنشتاين وباشلار. هنا لم يعد مطلب إقصاء الذات شرطا لعلمية العلوم الإنسانية، بل ضرورة ابستيمولوجية بدونها لا نفهم حقيقة الظاهرة الإنسانية. فمسلمة العلم الوضعي القائمة على تشييئ الذات تطرح سؤال الهوية. هل ماهية الإنسان المعنوية والروحية هي بنفس ماهية المادة الجامدة حتى نطبق عليهما نفس المنهج ؟
يمكن الاستءناس بالكتب التالية:
الأسس البيولوجية لسلوك الإنسان
http://www.4shared.com/file/71703177/221f76dd/___.html

مطلب الفيزياء والفلسفة

http://www.4shared.com/file/83251049/93d3b7e3/___.html

كيف يرى الوضعيون الفلسفة:
http://www.4shared.com/file/83103424/584cf151/_______.html

يمكن أيضا الاستفادة من الكتاب القيم " مفهوم الواقع في التقكير العلمي المعاصر" مظاهر النزعة الاختبارية لدى الوضعيين الجدد وستروس... للدكتور سالم يفوت خاصة الفصل المتعلق بالعلوم الإنسانية. سأعمل على المسح الضوئي لهذا الفصل قريبا نظرا لقيمته المعرفية والعلمية، لكننا مع الأسف لا يمكن استغلال كل النقاشات والمشاكل مع التلاميذ بسبب ضيق الحيز الزمني وطول المقرر، لهذا اكتفينا بإثارة أهم القضايا.

النظريات السوسيولوجية
تقديم:
إن التنظير ضروري بسبب أن معرفة الواقع الإنساني( في بعده الشخصي والعلائقي والتاريخي واللغوي... بدون منطلقات نظرية واضحة هي مستحيلة ومنعدمة الفاعلية ( وهذا ما ترفضه الوضعية، من خلال رفضها للفرضية العقلية المسبقة ) لماذا التنظير؟ لأن المعرفة البريئة والمحايدة للواقع الإنساني غير ممكنة. فالواقع يُجيب على الأسئلة التي نطرحها عليه. ولهذا وانسجاما مع المنهح التفهمي التأويلي والمنهج الإنشائي تكون معرفة الظواهر الإنسانية من قبل الباحث مشروطة بظروف الباحث التاريخية والاجتماعية.
ومن أهم النظريات السوسيولوجية ( علم الاجتماع):
1- النظرية الوظيفية.
2- النظرية الماركسية.
3- النظرية التطورية.
4- النظرية التوفيقية أو التركيبية.

النظرية الوظيفية ( دوركايم، براون، مالينوفسكي، بارسونز..)
تنطلق من افتراض أن المجتمعات أنساق تسعى باستمرار إلى ضمان توازنها واستقرارها بواسطة بلورة عدد من الشروط الوظيفية والمتمثلة في المؤسسات والقيم والعلاقات الاجتماعية داخل المجتمع، بحيث يُفترض أن هناك تطابقا بين المستلزمات الوظيفية وبين مختلف المؤسسات والقيم والمعتقدات ( محمد جسوس. النظريات السوسيولوجية. دروس من الجامعة 1979) ودور الباحث الاجتماعي هو إبراز هذا التطابق والتفسير والوظيفي لوجود ظاهرة اجتماعية معينة هو نفسيرها انطلاقا من مدى مساهمتها في ضمان التوازن والاستفرار داخل المجتمع.
لكن هذه النظرية الوظيفية تعجز عن تفسير لماذا يحدث انقلاب وتغير وثورة في المجتمع، ومن ثمة فهي لا تستطيع نقسير الحروب والاستبداد السياسي والتطهير العرقي والاستعمار ...إلخ
النظرية الماركسية( ماركس،لينين، ألتوسير، لوفيفر، لوكاتش..)
تنطلق من افتراض عكسي للنظرية الوظيفية، مفاده أن المجتمعات عبارة عن أنساق تحتوي بصفة ضمنية على تناقضات
داخلية سوف تؤدي إلى تغذية الصراعات الطبقية والدفع بعملية تطور وغيّر المجتمع من حالة إلى حالة مغايرة للحالة الأولى.إذن التفسير الماركسي للظاهرة الاجتماعية يقتضي ربطها بالتناقض والتوتر والصراع داخل المجتمع وليس بالاستقرار والتوازن.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo.forumarabia.com
عريف




ذكر
عدد الرسائل : 4
العمر : 30
البلد : الجزائر
العمل : طالب
تاريخ التسجيل : 20/03/2011

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الأحد مارس 20, 2011 4:57 pm

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كمال صدقي
مدير المنتدى
كمال صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 2399
العمر : 68
البلد : أفورار
العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الإثنين ديسمبر 12, 2011 6:32 pm


نقدم للأعضاء والزوار مرجعين لهما علاقة مباشرة بمجزوءة المعرفة:
1- الموضوعية في العلوم الإنسانية. تأليف صلاح قنصوره: من خلال الرابط التالي:
http://www.mediafire.com/?dxma4a33o478xoq

2- فلسفة العلم في القرن العشرين
تأليف دونالد جيليز.ترجمة حسين علي. مراجعة
إمام عبد الفتاح إمام. من خلال الرابط التالي:
http://www.mediafire.com/?1lx4vn1qm6j16cq







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo.forumarabia.com
aziz kolinaji




ذكر
عدد الرسائل : 2
العمر : 45
البلد : المغرب
العمل : اسناذ
تاريخ التسجيل : 23/09/2011

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الخميس ديسمبر 29, 2011 8:09 pm

احيي فيك يا اخي الصدقي روح اشاعة الفكر الحر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كمال صدقي
مدير المنتدى
كمال صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 2399
العمر : 68
البلد : أفورار
العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الأحد يناير 01, 2012 11:38 am

مدخل وفي نفس الوقت تركيب لمفهوم : علمية العلوم الإنسانية.
على التلميذ أن يكون قادرا على إدراك أن الإشكال الأساسي لهذا المفهوم يتعلق بمشكلة العلمية في العلوم الإنسانية، ممّا يعني أن عِلميتها غير متحققة بالرغم من تسميتها ب" علوم". إذن العنوان الحقيقي هو : إشكالية العلمية في العلوم الإنسانية.من هذا المنطلق يُطرح السؤال التالي: ما المقصود بالعلمية؟ وما طبيعة هذا الرهان (العلمي) بالمفهوم الأول ( النظرية والتجربة؟ والأصح : النظرية العلمية بين العقل والتجربة ومدى التكامل بينهما)؟
أساس الإشكال يكمن في رغبة تخلص علماء الإنسان من منهجية التأمل العقلي بخلفية ميتافيزيقية ولاهوتية، وهي المنهجية التي سيتم استنفاذها أواسط القرن التاسع عشر، بعد أزيد من خمسة وعشرين قرنا من غطاء المظلة الفلسفية لموضوعات الإنسان: النفسية والاجتماعية والتاريخية واللغوية... وبفعل التطور العلمي بصيغته الوضعية كما أسسها أوجست كونت، بدأ الطموح في البحث عن " علمية " لبعض فروع المبحث الإنساني وخاصة المبحث النفسي والاجتماعي والتاريخي وفيما بعد اللغوي ... والقائمة لن تتوقف...كاستجابة لما عرفه تطور الحقل العلمي، وهذا هو سبب ورهان المفهوم الأول (النظرية والتجربة) كمدخل لفهم مدى إمكانية تحقّق العلمية في علوم الإنسان على غرار عِلمية العلوم الطبيعية.إذن كان لزاما أن نخوض في علمية العلوم الطبيعية قبل الخوض في رغبة تحقق العلمية أيضا في العلوم الإنسانية.من هنا نفهم حقيقة التعالق بين المفهومين،بحجة أن قضايا المفهوم الأول حاضرة بقوة في المفهوم الثاني، ومن ثمة لا يجوز التفكير فيهما كإشكاليتين منفصلتين، بل إن إثارة مشكلة العلمية في العلوم الإنسانية هي نتيجة حتمية لنجاح العلمية في العلوم الطبيعية، بخلاف رهانات مفهوم النظرية والتجربة لدى الباكالوريا علوم، حيث إن مفهوم النظرية والتجربة إشكالية رئيسية ضمن تاريخ إشكالية محورية سؤالها الرئيسي : هل أساس النظرية العلمية التجربة أولا أم العقل أو الحوار والتكامل بينهما؟ ولكن دون أن ننسى مفتاح الإشكالية وهو : عن أيّ واقع نتحدث؟ إنها بالفعل إشكالية الواقع في النظريات العلمية،الماكروفيزيائية والميكروفيزيائية.
بالمحصلة يمكن تحديد إشكالية العلمية في العلوم الإنسانية في ثلاث مُشكلات إبستمولوجية معقّدة:
1- إذا كانت العلوم الطبيعية (بمنهجيها الاستقراء التجريبي والاستنباط الريلضي) قد حققت العلمية بسبب موضوعية العالِم في دراسته للظواهر، فهل يمكن لهذه الموضوعية أن تتحقق في العلوم الإنسانية؟ هذه بالفعل قضية خلافية بين موقفين متعارضين:
أ- أنصار الموضعة، ويمثلهم بالطبع أوجست كونت، وفلهايم فونت، ودوركايم، وواطسون وتيوديل ريبو، ويمكن الاشتغال على الشذرات التالية:
يقول دوركايم (1858-1917)في كتابه قواعد المنهج في علم الاجتماع:" ...علينا أن نعتبر الظواهر الاجتماعية في ذاتها كظواهر مستقلة عن الذات الواعية التي تتمثلها. علينا أن ندرسها من الخارج باعتبارها أشياء".
يقول تيوديل ريبو (1839- 1916 :" إن علم النفس المعني هنا سيكون تجريبيا صرفا، إذ سوف يكون موضوعه الظواهر فحسب وقوانينها وأسبابها المباشرة، ولن نهتم لا بالنفس ولا بماهيتها، لأن هذه المسألة بحُكم تعاليها عن التجربة وكونها خارج مجال التحقيق، تنتمي للميتافيزيقا... إذن ينزل المنهج الموضوعي في دراسة الحالات النفسية من الخارج لا من الداخل، من خلال الوقائع المادية التي تُعبّر عنها، لا من خلال الوعي الذي تصدر عنه تلك الحالات ."
يقول " واطسون" : السلوكية هي محاولة لفعل الأمر التالي: أن نُطبق في الدراسة التجريبية على الإنسان عين الطريقة ونفس اللغة الوصفية التي اعتبرها الكثير من الباحثين مفيدتين في دراسة الحيوانات الأدنى من الإنسان.
"
ما يمكن التركيز عليه، ليس تحليل أطروحة كل مفكّر على حدة ، بل توظيف ما طرحوه من خلال تحديد مرجعيتهم الوضعية الاختبارية (مع شرح مفهوم الوضعية POSITIVISME كما نظّر لها إوجست كونت من قبيل أن الفكر البشري لا يستطيع أن يكشف عن طبائع الأشياء وغاياتها النهائية، ولكنه يستطيع أن يُدرك ظواهرها ويكشف عن علاقاتها وقوانينها.(جميل صليبا) وذلك بالابتعاد عن كل منهج تأملي يُقحم اللاهوت والميتافيزيقا من خارج الموضوع ليفرضها عليه من دون تفسير حقيقة الموضوع كما هو معطى في ظاهره...وهذا هو شرط الموضوعية Objectivité وهي منهج يقتضي الحياد عبر الفصل بين الذات والموضوع، بمعنى التخلص من الأفكار المُسبقة، وهي ضد الذاتية Subjectivité. ولهذا الموقف عدة حجاج إضافة إلى ما سبق، وعلى رأسها أن المنطق العلمي يقتضي التعاطي مع الظواهر في ذاتها من حيث أن خواصها تحملها في ذاتها وليس في تمثلات العالِم ،وعوض أن تكون المعرفة بالموضوع تابعة لقوانين انوجاد الموضوع، ستُصبح تابعة للميتافيزيقا، بمعنى تصورات وتأويلات لا علاقة لها بالموضوع لأنه يتم إقحامها من الخارج، وبالمحصلة لا يمكن بهذا المنهج تحقيق العلمية، وهي في العرف الوضعي: الإخبار عن الموضوع منا يُعطى لنا.ويمكن الانفتاح مع التلاميذ على أطروحة " جون بيير شونجو" من كتاب التلميذ " في رحاب الفلسفة" السنة الأولى من السلك الباكالوريا ص 14، حيث يقول " شونجو": من الطبيعي بالنسبة لي وباعتباري عالم بيولوجيا الأعصاب، أن أعتبر كل نشاط عقلي- كيفما كان- سواء كان تفكيرا، أو اتخاذ لقرار، أو انفعالات أو شعورا أو وعيا بالذات، عبارة عن نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، بحيث تكون خلايا عصية محددة، هي التي تستجيب، أولا، لمنبهات خارجية...إن الصور العقلية هي موضوعات مادية محددة بفضل " خريطة" دينامية للخلايا العصبية والسّيالات العصيبة التي تغذيها وتسري داخله." هذا نموذج صارخ على النزعة الوضعية في فهم الوعي الذي لم يعد معطى روحانيا أو معنويا، لهذا طالب شونجو صراحة بالابتعاد عن دراسات الفلاسفة وعلماء اللاهوت لوظائف المخ لأنها لن تجدي نفعا في تفسير حقيقة العقل والوعي باعتبارهما يتمان عبر دينامية الخلايا العصبية التي تتمثل الموضوعات المادية الخارجية، وهذا هو ما نظّر له " واطسون"
يُمكن فتح نقاش بخصوص هذا الموقف الوضعي الاختباري في العلوم الإنسانية، وعيبه الأساسي هو خرقه للقاعدة التالية: الموضوع هو الذي يحدد المنهج وليس العكس، السؤال : هل المنهج الذي يصلح لعالم المادة يصلح لعالم عقلي تتجسد ظواهره في الوعي والثقافة والسلوكات والعادات والأخلاق..؟ باختصار هل يمكن تشييئ الإنسان؟ وما هي المبررات التي اعتمدها التيار الوضعي الاختباري في العلوم الإنسانية للدفاع عن إمكانية تشييء الإنسان حتى يمكن دراسته دراسة علمية؟ يمكن الاشتغال على مدى حجة علمية تكميم ظاهرة الانتحار عند دوركايم..
ب- مُعارضوا الموضعة. يمكن الاشتغال على جان بياجي وميرلوبونتي...من منطلق استحالة الفصل بين الذات الأنوية والذات العارفة، بحجة أن الإنسان كائن جدّ معقّد مقارنة مع الموضوع الفيزيائي-مثلا-في حقيقته المادية المعطاة تجريبيا أو التي يمكن بناؤها رياضيا.
ويمكن توظيف بعد قضايا مجزوءة الوضع البشري ومجزوءة الأخلاق، للوقوف على خصوصية الظاهرة الإنسانية، وأن القدح في الفلسفة من قبل المفكرين الوضعيين غير صحيح، بحجة أن الفلسفة هي الأخرى ساهمت في الكشف عن بعض الحقائق المتعلقة بالإنسان..
2- المشكلة الثانية تتعلق ب: العلوم الإنسانية بين التفسير والفهم. وهذا إشكال متعالق مع مشكلة الموضعة.والنصوص التالية تكشف عن طبيعة الإشكال :
يقول غاستون غرانجي:" التفسير منهج قائم على الكشف الموضوعي للعلاقات السببية الثابتة بين الظواهر أو الحوادث، واستنتاج أن الحوادث المدروسة تنشأ عنها. إنه منهج العالم الفيزيائي... بيد أن الأمر على خلاف ذلك في حال الأفعال والحوادث الإنسانية، فها هنا لا نفسّر الأفعال بل نسعى إلى فهمها ... وتقديم تأويل يرمي إلى فهم الفعل الإنساني."
يقول ليفي ستروس:" إن العلوم الإنسانية لا تُفسّر الظواهر تفسيرا نهائيا ولا تتنبأ بيقين تلم.. ويظهر أنه محكوم عليها بأن تسير في طريق سيّئ لا يسمح للسائر فيه... استخلاص ما يتوجب استخلاصه."
يقول دلتاي:" تتميز العلوم الروحية عن العلوم الطبيعية بكون موضوع هذه الأخيرة عبارة عن ظواهر تتقدم للوعي باعتبارها ظواهر معزولة وخارجية، في حين تتمظهر هذه الظواهر للعلوم العقلية باعتبارها مجموعا حيّا... لهذا نُفسّر الطبيعة ونفهم الحياة النفسية... وينتج عن هذا أن المناهج التي ندرس بها الحياة الروحية والتاريخ والمجتمع تختلف عن المناهج التي تقود إلى معرفة الطبيعة"
يقول جون مونرو في كتابه " الوقائع الاجتماعية ليست أشياء": إننا نفهم بعض الحوادث بالبداهة/ مثلا غضب شخص حين الاعتداء عليه... وكل محاولة لتأسيس الفهم ( البداهة) على أساس الاستقراء هي محاولة ستفضي إلى تقويضها."
بالمحصلة، وبعد الاشتغال على البنية المفاهيمية والحجاجية للمواقف أعلاه، نمرّ إلى المناقشة، ويمكن أن نكتفي بنقطة واحد، وهي أن كلا من التفسير والفهم له من العيوب ما يجعله عائقا أمام تحقق العلمية في العلوم الإنسانية، عيب التفسير كونه يبحث عن قوانين ثابتة ، وكلما تكررت نفس الأسباب أدت إلى نفس النتائج، وهذا غير ممكن في العلوم الإنسانية بسبب طابعها الحيوي والمنفتح على كل الاحتمالات والإمكانات ، الأمر الذي يصعب معه التنبؤ بما سيحصل مثلما نتنبأ بحصول التمدّد لحظة تعريض المعادن للحرارة. وعيب الفهم أن في بحثه عن المعنى وليس الأسباب – بالمفهوم العلمي الوضعي- فإن عملية الفهم إذا لم يتم ضبطها من خلال تحجيم وتقليص نرجسية الذات وأنانيتها فإن علماء الإنسان سيسقطان في تعددية الفهم والتأويلات، الأمر الذي يجعل من تحقق العلمية أمرا مستحيلا مع العلم أن العلمية تعني استقراء أو استنباط حقيقة الموضوع بقدر ما تسمح به أدوات البحث وبشروط المجال المعرفي التاريخية والإبستمولوجية، نقول هذا احتراما لمبدإ النسبية في مقابل الإطلاقية، فالحقائق الطبيعية والإنسانية ليست مطلقة في حقيقتها إلا بالنسبة للمعرفة التأملية ذات الخلفية الميتافيزيقية التي تتعالى على الشروط الواقعية للحوادث.
3- المشكلة الثالثة تتعلق بمدى اعتبار العلوم التجريبية نموذجية بالنسبة للعلوم الإنسانية.
يبدو أن المشرعين لم ينتبهوا إلى أن هذا المحور قد سبقت مناقشة إشكاليته ضمن المحورين السابقين، بحيث اكتشفنا صعوبة تطبيق المنهج التجريبي على الظاهرة الإنسانية، الأمر الذي يتطلب الآتي:
أ‌- من الممكن تكييف المنهج التجريبي مع الظاهرة الإنسانيةـ وليس المطلوب تطبيق المنهج التجريبي بحذافره على الظاهرة الإنسانية.
ب‌- يمكن إبداع منهج لا يوغل في التشييئ، كما لا يوغل في الذاتية، وينسجم مع الظاهرات الإنسانية.
لكن المسكوت عنه هو كتالي: هل من الضروري قياس علمية العلوم الإنسانية على مرجعية علمية العلوم التجريبية؟
هل بالفعل تحقيق العلمية يمرّ بالضرورة عبر نموذجية العلوم التجريبية؟ هل هذا البعد الواحد للعلمية طرح صحيح.إن ميرلوبونتي يتحفظ على الوصول إلى حقيقة الوجود الإنساني باستخدام المنهج العلمي الوضعي، بسبب أن هذا الأخير تجزيئي وتشييئي، بينما التجربة حميمية ومُتفرّدة وهي ما يُشكّل حقيقة المعيش الإنساني الذي لا يُعيره المنهج الموضوعي أيّ اعتبار.يقول :إن كل ما أعرفه عن العالم ولو كان مصدره العلم، أعرفه انطلاقا من وجهة نظر خاصة بي، وأعرفه من خلال تجربتي في العالم والتي بدونها لن تعني رموز العلم أي شيء."
إذن ما يجهله المنهج الموضوعي هو تجربة الذات المعيشة، هذه الأخيرة هي المصدر الأساس لكل معرفة.

نموذج علم الاجتماع.(الموضوع والمنهج، والنظريات)
في نظري هذا تكرار لما تم تحليله ومناقشته في المحاور الثلاث لعلمية العلوم الإنسانية باستثناء النظريات السوسيولوجية. بمعنى سبق وأن عرّفنا موضوع العلوم الإنسانية ومنها علم الاجتماع، وناقشنا تعدد تسمياتها " عقلية، معنوية، روحية، إنسانية....ومن خلال الحديث عن علم النفس وعلم الاجتماع وعلم التاريخ....نفس الأمر بالنسبة لمنهج علم الاجتماع ، فهو لا يخرج عن إشكالية الموضعة والذاتية ثم التفسير والفهم....ومن الأفيد استدماج هذه القضية ضمن بناء الدرس/ من مثل استدماج معايير علمية النظريات ضمن كل موقف علمي بعد الانتهاء من تحليله ومناقشته، من قبيل أن معيار علمية الموقف التجريبي هي التحقق التجريبي الذي يكشف عن وجود المطابقة بين النظرية والواقع والتي تكون انعكاس له...أما الموقف العقلاني التطبيقي، فمعيار علمية النظرية العلمية عليه أن ينسجم مع الاستنباط الرياضي، مما يعني الصدق الداخلي بين المقدمات والنتائج، وهو ما يسمى " الصدق الأكسيومي" عندا يمكن إضافة معيار القابلية للتكذيب لكارب بوبر فور الانتهاء من معيار العقلانية التطبيقية. ولهذا يجب تعويض محور المعيارية بمحور : الموقف التلازمي والتكاملي بين النظرية والتجربة، والاشتغال على موقف مالينوفسكي مثلا الذي يقول في مطلعه:" بالإضافة إلى مهارة يد الصانع في إشعال النار، نجد تحت هذا الإنجاز والتقليد الذي يعبّر عنه نظرية علمية دقيقة..." ويمكن استثمار موقف باشلار في دعوته للحوار بين العقل والتجربة في بناء النظرية العلمية، ولكن يجلب الانتباه إلى أن باشلار في نسقه العلمي يُعطي الأسبقية للعقل على التجربة دون نفي التجربة.



عدل سابقا من قبل كمال صدقي في الإثنين يناير 02, 2012 9:45 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo.forumarabia.com
كمال صدقي
مدير المنتدى
كمال صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 2399
العمر : 68
البلد : أفورار
العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الإثنين يناير 02, 2012 9:46 am

رجاء من أعضاء المنتدى والزوار تقييم ما أقوم به من اجتهادات قد تكون مصيبة أو مخطئة، ولكن النقاش والتفاعل هو الكفيل بتطوير النقاش وإغناء الدروس الفلسفية بمختلف الاجتهادات والمنظورات.كما أطمح من أعضاء المنتدى وخاصة مدرسي الفلسفة أن يقدموا للمنتدى منظورهم لبناء الدرس الفلسفي سواء تعلق الأمر بالتحضير الكلي أو مفهوم معين، أو محور من المحاور. هكذا نتبادل الخبرات والتجارب في أفق تطوير تدريس الفلسفة.
تحياتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo.forumarabia.com
كمال صدقي
مدير المنتدى
كمال صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 2399
العمر : 68
البلد : أفورار
العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية   مسألة العلمية في العلوم الإنسانية Clock10الأحد مارس 25, 2012 8:32 pm

مدخل وفي نفس الوقت تركيب لمفهوم : علمية العلوم الإنسانية.
على التلميذ أن يكون قادرا على إدراك أن الإشكال الأساسي لهذا المفهوم يتعلق بمشكلة العلمية في العلوم الإنسانية، ممّا يعني أن عِلميتها غير متحققة بالرغم من تسميتها ب" علوم". إذن العنوان الحقيقي هو : إشكالية العلمية في العلوم الإنسانية.من هذا المنطلق يُطرح السؤال التالي: ما المقصود بالعلمية؟ وما طبيعة هذا الرهان (العلمي) بالمفهوم الأول
( النظرية والتجربة؟ والأصح : النظرية العلمية بين العقل والتجربة ومدى التكامل بينهما)؟
أساس الإشكال يكمن في رغبة تخلص علماء الإنسان من منهجية التأمل العقلي بخلفية ميتافيزيقية ولاهوتية، وهي المنهجية التي سيتم استنفاذها أواسط القرن التاسع عشر، بعد أزيد من خمسة وعشرين قرنا من غطاء المظلة الفلسفية لموضوعات الإنسان: النفسية والاجتماعية والتاريخية واللغوية... وبفعل التطور العلمي بصيغته الوضعية كما أسسها أوجست كونت، بدأ الطموح في البحث عن " علمية " لبعض فروع المبحث الإنساني وخاصة المبحث النفسي والاجتماعي والتاريخي وفيما بعد اللغوي ... والقائمة لن تتوقف...كاستجابة لما عرفه تطور الحقل العلمي، وهذا هو سبب ورهان المفهوم الأول (النظرية والتجربة) كمدخل لفهم مدى إمكانية تحقّق العلمية في علوم الإنسان على غرار عِلمية العلوم الطبيعية.إذن كان لزاما أن نخوض في علمية العلوم الطبيعية قبل الخوض في رغبة تحقق العلمية أيضا في العلوم الإنسانية.من هنا نفهم حقيقة التعالق بين المفهومين،بحجة أن قضايا المفهوم الأول حاضرة بقوة في المفهوم الثاني، ومن ثمة لا يجوز التفكير كإشكاليتين منفصلتين، بل إن إثارة مشكلة العلمية في العلوم الإنسانية هي نتيجة حتمية لنجاح العلمية في العلوم الطبيعية، بخلاف رهانات مفهوم النظرية والتجربة لدى الباكالوريا علوم، حيث إن مفهوم النظرية والتجربة إشكالية رئيسية ضمن تاريخ إشكالية محورية سؤالها الرئيسي : هل أساس النظرية العلمية التجربة أم العقل أو الحوار بينهما؟ ولكن دون أن ننسى مفتاح الإشكالية وهو : عن أيّ واقع نتحدث؟ إنها بالفعل إشكالية الواقع في النظريات العلمية،الماكروفيزيائية والميكروفيزيائية.
بالمحصلة يمكن تحديد إشكالية العلمية في العلوم الإنسانية في ثلاث مُشكلات إبستمولوجية معقّدة:
1- إذا كانت العلوم الطبيعية (بمنهجيها الاستقراء التجريبي والاستنباط الريلضي) قد حققت العلمية بسبب موضوعية العالِم في دراسته للظواهر، فهل يمكن لهذه الموضوعية أن تتحقق في العلوم الإنسانية؟ هذه بالفعل قضية خلافية بين موقفين متعارضين:
أ- أنار الموضعة، ويمثلهم بالطبع أوجست كونت، وفلهايم فونت، ودوركايم، وواطسون وتيوديل ريبو، ويمكن الاشتغال على الشذرات التالية:
يقول دوركايم (1858-1917)في كتابه قواعد المنهج في علم الاجتماع:" ...علينا أن نعتبر الظواهر الاجتماعية في ذاتها كظواهر مستقلة عن الذات الواعية التي تتمثلها. علينا أن ندرسها من الخارج باعتبارها أشياء".
يقول تيوديل ريبو (1839- 1916 :" إن علم النفس المعني هنا سيكون تجريبيا صرفا، إذ سوف يكون موضوعه الظواهر فحسب وقوانينها وأسبابها المباشرة، ولن نهتم لا بالنفس ولا بماهيتها، لأن هذه المسألة بحُكم تعاليها عن التجربة وكونها خارج مجال التحقيق، تنتمي للميتافيزيقا... إذن ينزل المنهج الموضوعي في دراسة الحالات النفسية من الخارج لا من الداخل، من خلال الوقائع المادية التي تُعبّر عنها، لا من خلال الوعي الذي تصدر عنه تلك الحالات ."
يقول " واطسون" : السلوكية هي محاولة لفعل الأمر التالي: أن نُطبق في الدراسة التجريبية على الإنسان عين الطريقة ونفس اللغة الوصفية التي اعتبرها الكثير من الباحثين مفيدتين في دراسة الحيوانات الأدنى من الإنسان."
ما ي$مكن التركيز عليه، ليس تحليل أطروحة كل مفكّر على حدة ، بل توظيف ما طرحوه من خلال تحديد مرجعيتهم الوض عية الاختبارية (مع شرح مفهوم الوضعية POSITIVISME كما نظّر لها إوجست كونت من قبيل أن الفكر البشري لا يستطيع أن يكشف عن طبائع الأشياء وغاياتها النهائية، ولكنه يستطيع أن يُدرك ظواهرها ويكشف عن علاقاتها وقوانينها.(جميل صليبا) وذلك بالابتعاد عن كل منهج تأملي يُقحم اللاهوت والميتافيزيقا من خارج الموضوع ليفرضها عليه من دون تفسير حقيقة الموضوع كما هو معطى في ظاهره...وهذا هو شرط الموضوعية Objectivité وهي منهج يقتضي الحياد عبر الفصل بين الذات والموضوع، بمعنى التخلص من الأفكار المُسبقة، وهي ضد الذاتية Subjectivité. ولهذا الموقف عدة حجاج إضافة إلى ما سبق، وعلى رأسها أن المنطق العلمي يقتضي التعاطي مع الظواهر في ذاتها من حيث أن خواصها تحملها في ذاتها وليس في تمثلات العالِم ،وعوض أن تكون المعرفة بالموضوع تابعة لقوانين انوجاد الموضوع، ستُصبح تابعة للميتافيزيقا، بمعنى تصورات وتأويلات لا علاقة لها بالموضوع لأنه يتم إقحامها من الخارج، وبالمحصلة لا يمكن بهذا المنهج تحقيق العلمية، وهب في العرف الوضعي: الإخبار عن الموضوع منا يُعطى لنا.
يُمكن فتح نقاش بخصوص هذا الموقف الوضعي الاختباري في العلوم الإنسانية، وعيبه الأساسي هو خرقه للقاعدة التالية: الموضوع هو الذي يحدد المنهج وليس العكس، السؤال : هل المنهج الذي يصلح لعالم المادة يصلح لعالم عقلي تتجسد ظواهره في الوعي والثقافة والسلوكات والعادات والأخلاق..؟ باختصار هل يمكن تشييئ الإنسان؟ وما هي المبررات التي اعتمدها التيار الوضعي الاختباري في العلوم الإنسانية للدفاع عن إمكانية تشييء الإنسان حتى يمكن دراسته دراسة علمية؟ يمكن الاشتغال على حجة علمية تكميم ظاهرة الانتحار عند دوركايم..
ب- مُعارضوا الموضعة. يمكن الاشتغال على جان بياجي وميرلوبونتي...من منطلق استحالة الفصل بين الذات الأنوية والذات العارفة، بحجة أن الإنسان كائن جدّ معقّد مقارنة مع الموضوع الفيزيائي-مثلا-في حقيقته المادية المعطاة تجريبيا أو التي يمكن بناؤها رياضيا.
ويمكن توظيف بعد قضايا مجزوءة الوضع البشري ومجزوءة الأخلاق، للوقوف على خصوصية الظاهرة الإنسانية، وأن القدح في الفلسفة من قبل المفكرين الوضعيين غير صحيح، بحجة أن الفلسفة هي الأخرى ساهمت في الكشف عن بعض الحقائق المتعلقة بالإنسان..
2- المشكلة الثانية تتعلق ب: العلوم الإنسانية بين التفسير والفهم. وهذا إشكال متعالق مع مشكلة الموضعة.والنصوص التالية تكشف عن طبيعة الإشكال :
يقول غاستون غرانجي:" التفسير منهج قائم على الكشف الموضوعي للعلاقات السببية الثابتة بين الظواهر أو الحوادث، واستنتاج أن الحوادث المدروسة تنشأ عنها. إنه منهج العالم الفيزيائي... بيد أن الأمر على خلاف ذلك في حال الأفعال والحوادث الإنسانية، فها هنا لا نفسّر الأفعال بل نسعى إلى فهمها ... وتقديم تأويل يرمي إلى فهم الفعل الإنساني."
يقول ليفي ستروس:" إن العلوم الإنسانية لا تُفسّر الظواهر تفسيرا نهائيا ولا تتنبأ بيقين تلم.. ويظهر أنه محكوم عليها بأن تسير في طريق سيّئ لا يسمح للسائر فيه... استخلاص ما يتوجب استخلاصه."
يقول دلتاي:" تتميز العلوم الروحية عن العلوم الطبيعية بكون موضوع هذه الأخيرة عبارة عن ظواهر تتقدم للوعي باعتبارها ظواهر معزولة وخارجية، في حين تتمظهر هذه الظواهر للعلوم العقلية باعتبارها مجموعا حيّا... لهذا نُفسّر الطبيعة ونفهم الحياة النفسية... وينتج عن هذا أن المناهج التي ندرس بها الحياة الروحية والتاريخ والمجتمع تختلف عن المناهج التي تقود إلى معرفة الطبيعة"
يقول جون مونرو في كتابه " الوقائع الاجتماعية ليست أشياء": إننا نفهم بعض الحوادث بالبداهة/ مثلا غضب شخص حين الاعتداء عليه... وكل محاولة لتأسيس الفهم ( البداهة) على أساس الاستقراء هي محاولة ستفضي إلى تقويضها."
بالمحصلة، وبعد الاشتغال على البنية المفاهيمية والحجاجية للمواقف أعلاه، نمرّ إلى المناقشة، ويمكن أن نكتفي بنقطة واحد، وهي أن كلا من التفسير والفهم له من العيوب ما يجعله عائقا أمام تحقق العلمية في العلوم الإنسانية، عيب التفسير كونه يبحث عن قوانين ثابتة ، وكلما تكررت نفس الأسباب أدت إلى نفس النتائج، وهذا غير ممكن في العلوم الإنسانية بسبب طابعها الحيوي والمنفتح على كل الاحتمالات والإمكانات ، الأمر الذي يصعب معه التنبؤ بما سيحصل مثلما نتنبأ بحصول التمدّد لحظة تعريض المعادن للحرارة. وعيب الفهم أن في بحثه عن المعنى وليس الأسباب – بالمفهوم العلمي الوضعي- فإن عملية الفهم إذا لم يتم ضبطها من خلال تحجيم وتقليص نرجسية الذات وأنانيتها فإن علماء الإنسان سيسقطان في تعددية الفهم والتأويلات، الأمر الذي يجعل من تحقق العلمية أمرا مستحيلا مع العلم أن العلمية تعني استقراء أو استنباط حقيقة الموضوع بقدر ما تسمح به أدوات البحث وبشروط المجال المعرفي التاريخية والإبستمولوجية، نقول هذا احتراما لمبدإ النسبية في مقابل الإطلاقية، فالحقائق الطبيعية والإنسانية ليست مطلقة في حقيقتها إلا بالنسبة للمعرفة التأملية ذات الخلفية الميتافيزيقية التي تتعالى على الشروط الواقعية للحوادث.
3- المشكلة الثالثة تتعلق بمدى اعتبار العلوم التجريبية نموذجية بالنسبة للعلوم الإنسانية.
يبدو أن المشرعين لم ينتبهوا إلى أن هذا المحور قد سبقت مناقشة إشكاليته ضمن المحورين السابقين، بحيث اكتشفنا صعوبة تطبيق المنهج التجريبي على الظاهرة الإنسانية، الأمر الذي يتطلب الآتي:
أ‌- من الممكن تكييف المنهج التجريبي مع الظاهرة الإنسانيةـ وليس المطلوب تطبيق المنهج التجريبي بحذافره على الظاهرة الإنسانية.
ب‌- يمكن إبداع منهج لا يوغل في التشييئ، كما يوغل في الذاتية، وينسجم مع الظاهرات الإنسانية.
لكن المسكوت عنه هو كتالي: هل من الضروري قياس علمية العلوم الإنسانية على مرجعية علمية العلوم التجريبية؟
هل بالفعل تحقيق العلمية يمرّ بالضرورة عبر نموذجية العلوم التجريبية؟ هل هذا البعد الواحد للعلمية طرح صحيح.إن ميرلوبونتي يتحفظ على الوصول إلى حقيقة الوجود الإنساني باستخدام المنهج العلمي الوضعي، بسبب أن هذا الأخير تجزيئي وتشييئي، بينما التجربة حميمية ومُتفرّدة وهي ما يُشكّل حقيقة المعيش الإنساني الذي لا يُعيره المنهج الموضوعي أيّ اعتبار.يقول :ط إن كا ما أعرفه عن العالم ولو كان مصدره العلم، أعرفه انطلاقا من وجهة نظر خاصة بي، وأعرفه من خلال تجربتي في العالم والتي بدونها لن تعني رموز العلم أي شيء."
إذن ما يجهله المنهج الموضوعي هو تجربة الذات المعيشة، هذه الأخيرة هي المصدر الأساس لكل معرفة.

نموذج علم الاجتماع.
في نظري هذا تكرار لما تم تحليله ومناقشته في المحاور الثلاث لعلمية العلوم الإنسانية باستثناء النظريات السوسيولوجية. بمعنى سبق وأن عرّفنا موضوع العلوم الإنسانية ومنها علم الاجتماع، وناقشنا تعدد تسمياتها " عقلية، معنوية، روحية، إنسانية....ومن خلال الحديث عن علم النفس وعلم الاجتماع وعلم التاريخ....نفس الأمر بالنسبة لمنهج علم الاجتماع ، فهو لا يخرج عن إشكالية الموضعة والذاتية ثم التفسير والفهم....ومن الأفيد استدماج هذه القضية ضمن بناء الدرس/ من مثل استدماج معايير علمية النظريات ضمن كل موقف علمي بعد الانتهاء من تحليله ومناقشته، من قبيل أن معيار علمية الموقف التجريبي هي التحقق التجريبي الذي يكشف عن وجود المطابقة بين النظرية والواقع والتي تكون انعكاس له...أما الموقف العقلاني التطبيقي، فمعيار علمية النظرية العلمية عليه أن ينسجم مع الاستنباط الرياضي، مما يعني الصدق الداخلي بين المقدمات والنتائج، وهو ما يسمى " الصدق الأكسيومي" عندا يمكن إضافة معيار القابلية للتكذيب لكارب بوبر فور الانتهاء من معيار العقلانية التطبيقية. ولهذا يجب تعويض محور المعيارية بمحور : الموقف التلازمي والتكاملي بين النظرية والتجربة، والاشتغال على موقف مالينوفسكي مثلا الذي يقول في مطلعه:" بالإضافة إلى مهارة يد الصانع في إشعال النار، نجد تحت هذا الإنجاز والتقليد الذي يعبّر عنه نظرية علمية دقيقة..." ويمكن استثمار موقف باشلار في دعوته للحوار بين العقل والتجربة في بناء النظرية العلمية، ولكن يجلب الانتباه إلى أن باشلار في نسقه العلمي يُعطي الأسبقيى العقل على التجربة دون نفي التجربة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://philo.forumarabia.com
 
مسألة العلمية في العلوم الإنسانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المداخل الممكنة لمفهوم العلمية في العلوم الإنسانية.
» العلوم الإنسانية
» ملخص مفهوم الغير. مسلك العلوم.
» الوعي : بين المقاربتين العلمية والفلسفية
» اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فيلوصوفيا :: الفلسفة :: مشاريع دروس فلسفية من إنجاز الأستاذ كمال صدقي-
انتقل الى: