سألني بعض التلاميذ، وهم من كتيبة العلوم الإنسانية،فرقة الثانية بكالوريا، وأنا أهمّ مغادرة الثكنة الثانوية عن دلالة مفهوم الحق والعنف رغبة منهم في الاستفادة الإضافية، مثل بحثهم في عوالم الشبكة العنكبوتية، بُغية توظيف تشابك المفهومين على ما يبدو في مُراقبة مستمرة هم مُقبلون عليها، أفقها النهائي المعركة الوطنية الحاسمة في أواخر السنة الحربية. بدا لي من الصعب وأنا أغادر الثكنة الثانوية مُنهك الجسد بعد أربع ساعات متتالية من معارك معرفية، وفي جبهات مختلفة، تتطلب أسلحة ديداكتيكية واستراتيجيات بيداغوجية، مع تأجيل الحسم في مدى تقويم النصر من عدمه إلى نهاية الوحدة الحربية، .
أجبتُ بداية أن تعالق المفهومين شائك إن وضعناه في إطار إشكاليته الفلسفية الحربية، وليس القاموسية فقط، والتي تتغذى من منظور حربي يولي البراكسيس أهمية قٌصوى، مبدأه : الفلسفة صراع طبقي على مستوى النظرية، علما أني أحمل سلاحا ذكيا من نوع " جي وان"، والمتواضع مقارنة مع عيار " سامسونك س 6 به كل الدخائر القاموسية التي كتبها جنرالات القواميس الفلسفية، بدء من الجنرال " لالاند" " وبول فولكيي،وصولا إلى الكولونيل ماجور" جميل صليبا "،إضافة إلى تحديدات الموسوعات الحربية الفلسفية لكبار الاستراتيجيات المفهومية ضمن الأبجدية الصارمة والتي تعكس الانضباط في التسلسل تدليلا لعملية البحث.
يتعلق الأمر في الحقيقة بقضية عسكرية شائكة شهدت معارك فكرية طاحنة بين مختلف جنرالات الفلسفة على مرّ التاريخ .إنها معركة " المفارقة بين الحق والعنف ضمن دولة الحق والقانون" ويكفينا الإشارة إلى معارك العصر الحديث بدء من تحديدات أهم جنرالات الفلسفة ماركس ، نيتشه، وفرويد ماكس فيبر حنا أرندت إيريك فروم، بيير بورديو...كل له تصوره الخاص للحق في علاقته بالعنف ضمن إشكالية محددة والتي بناء عليها يتم نحت دلالة تعالق المفهومين..من هذا المنطلق بدا للتلاميذ أن رسم استراتيجية التعريف، بعيدا عن تقديمه جاهزا مُعولبا وسريع الاستهلاك،قد تأخذ وقتا أطول، والشمس بدأت رحلتها نحو المغيب بعد يوم شاق من أيامها المشمسة والحارة ونحن على أبواب فصل الشتاء.
للخروج من المطبّ بأقل الخسائر بالنسبة لي شخصيا، وبعد نقاش سريع ، تبيّن أن زملائي من نفس الكتيبة الفلسفية، قد درّبوا فرقة الثانية بكالوريا أحسن تدريب، وأن نفس دلالة المفهومين هي ذاتها مع بعض الاختلافات ( وقد تعود لاختلاف الرتب العسكرية : الدروس العسكرية المعمقة، الماستر العسكري، الدكتورة العسكرية...)، في دلالاتها القاموسية والسياقية، وأن إضافتي الشخصية لن تكون قيمة مُضافة، بسبب الانضباط بيننا نحن الجنود و الضباط المؤطرين لجنود المستقبل، بالرغم من شعوري أن المتسائلين من جنود المستقبل خاب ظنهم في حيازة ما اعتقدوا أنه ربما سيكون ثقيلا في ميزان التقويم الفلسفي الحربي. ومن يدري قد يشدون الرحال إلى العالم الافتراضي، عندها سيكون الأمر مختلفا، لأن حريتهم في جني الفوائد لن يعترضها جندي مثلي ليس له الحرية في اختراق الميثاق الحربي وتوجيهاته التربوية الصارمة. من يدري قد يٌفاجئك مفتش القوات الفلسفية، ويكتشف تمرّدك الفلسفي، حينها نعرف النتائج.( هههههههههههههه)