شكرا للتفاعل أستاذة مليكة غبار.شكرا على التفاعل وعلى الاهتمام بما كتبتُه عن إحدى مفارقات المجتمع المغربي
ولا أختلف معك فيما رود في التعقيب. بالمناسبة لا ترجع شهرة هيفاء وهبي إلى كفاءتها الفنية بحجة أنها دخلت ميدان" الفن" من باب الحانات والخمّارات والرقص الاستعراضي بإيعاز من تجار النخاسة ومافيا الدعارة،. ولقد حضرت إلى المغرب في إطار الاحتفال بمرور ثلاث سنوات على افتتاح " كباري " أو مرقص ليلي بكورنيش عين الدياب، بالدار البيضاء،ونعرف جميعا زبناء هذه الأماكن ونوعية انتمائهم الطبقي.وهذا كاف لمعرف حقيقية هذا النوع من العيّنات مُقارنة مثلا مع الفنانة القديرة " ماجدة الرومي " ومثيلاتها.
أما بخصوص كون لها عشّاق أكتفي بمثلين مغربيين" المزوق من برّا أشخبارك من الداخل" و" كل بعرة كتقلب على ختها" النحل يبحث عن رحيق الأزهار والذباب يبحث عن كل أنواع النجاسة،(مع علمي أن المماثلة غير صحيحة لأن الفرق بين البشر في الدرجة وليس في الطبيعة.)وكذلك الناس فيما يعشقون مذاهب ولكن منّا المُساءلة والنقد.
إذا أردتُ التفلسف بجدّ، أمكنني القول، إن الثقافة الذكورية تعمل على خلق نماذج من الأنوثة بها يوهمون المجتمع أن المرأة " موضوع جنسي " Objet sex "بداية ونهاية، وهذا التوظيف له خلفيات ماركوتينكية، يؤمن بها تجار النخاسة ومقاولوا الدعارة، بحيث تُعتبر هيفاء وهبي وأمثالها سلعة مُدرّة للأرباح، ويجب إعادة إنتاج هذه التجارة الجنسية وخاصة في الدول التي تعتمد على اقتصاد الخدمات وعلى رأسها السياحة، والمغرب مع الأسف من ضحايا هذا النوع من الاقتصاد. إن القضية أكبر من شخص هيفاء وهبي ومثيلاتها كثيرات لكن دائما يتم التسويق لنموذج، ولما يتم استهلاكه يُبحث عن نموذج آخر لنفس الهدف، ولكن نموذج نسخ جاهزة سيتم تحويلها هي الأخرى إلى نماذج. أنا أعتبر هيفاء وهبي ضحية لقلة وعيها وضآلة مستواها المعرفي، بحيث تفتقر إلى وعيها كونا ذاتا لها كرامةـ وتُقدّم نفسها أو أريد لها أن تكون " موضوعا جنسيا "يُستغل لأغراض يحكمها" مبدأ اللذة "وليس "مبدأ الواقع". وتلك هي حقيقة الصراع بين الطبيعي والمجتمع.ولنا في مأساة سعاد حسني حين وظفتها المخابرات المصرية لأغراض دنيئة بالرغم من محاولاتها الفكاك من الفخ دون جدوى، وما بالك موضوع جنسي يزهو بجماله ويتوهم أن قيمته تكمن جسده الفتّان وإن هو بمنطق الفيلسوف كانط مجرد وسيلة سيتم التخلي عنها لحظة بلوغ الهدف.
المُصيبة أن هذا النوع من التجلي في أبخس صوره، يؤثر سلبا على عقلية الجنسين، ذكورا وإناثا مع اختلاف قي القصدية، ولكن من خلال نفس الكارثة، وهي كون المرأة موضوعا جنسيا فقط.وأقصد بالجنسي في معناه الدعراتي وليس الجنسي في معناه النبيل المبني على الحب والصدق في المعاشرة.
أستاذي مليكة، إن لم نتسلّح بحاستي السؤال والنقد والتذكّر، سيغمرنا طوفان من العبث تحاول جهات معروفة مأسسته وتقديمه على أنه واقع ودليل على حرية التعبير من باب الحق في الاختيار.
أما الذاكرة فهي أسياسية في حماية كرامتنا حين تُهان، ولنتذكر ما قاله المغني " راغب علامة" بخصوص المرأة المغربية. يُشاع أنه قال في برنامج بمصر :" بأن الشرف في المغرب بالمجّان" ، وبالرغم من نفيه للخبر لم يزر المغرب لمدة عشر سنوات خوفا من التهديدات التي وجّهت له. ولما زار المغرب فيما بعد بكباري مازكان بالجديدة استقبل استقبال الأبطال، وأرجو أن تتمعّني في الصورة أدناه.
طبعا لا يجوز تعميم السلوكات المُنحرفة لكثير من بنات الطبقات المخملية، على بقية المرأة المغربية،ولكن الفقر والأمية أيضا من أسباب ازدهار تجارة النخاسة.ولكن للدولة الحق في الدفاع عن كرامة كل النساء من كل الطبفات، لأن كرامة الإنسان، مهما كان جنسه البيولوجي أو انتماؤه الطبقي ، كلّ لا تتجزّأ.
لدى المزيد ولكن الفضاء لا يسمح حتى لا أتعب الأصدقاء.
تحياتي أستاذة مليكة غبّار على إيقاظنا من سُباتنا والتجرؤ على البوح، ربما نجد لهذه اليقظة أفقا ومخرجا نتخلص من خلال عبوره من كل الآفات التي أنهكنا الزمان في تحمّلها وحان الوقت للمقاومة والانتصاب ضد كل أشكال الإنبطاح.