بمناسبة السنة الهجرية الجديدة، وبمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وبمناسبة الوضع السياسي بعد الربيع العربي،ومن قلب الانشغالات التي تهمّ الفلسفة في القادم من الأيام،أشتاق اللحظة إلى
إلى التذكير بنصين لفيلسوفين،بمناسبة ما نشهده اليوم من جدالات
حول تطبيق الشريعة وبروز تيار الاسلام السياسي والجهادي،على ساحة المعترك السياسي، والذي ينهل من فتوى ابن الصلاح التي يقول فيها:"ومن زعم أنه يشتغل بالمنطق والفلسفة لفائدة يزعمها، فقد خدعه الشيطان ومكر به، ومن واجب السلطان أن يدفع عن المسلمين شرّ هؤلاء الفلاسفة، ويُخرجهم من المدارس ويُبعدهم ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفلسفة عن السيف أو الإسلام."
النصان يعكسان لمرحلتين من تطور قوى الصراع بين إرادات وجدت نفسها تُقحم الدين من أجل معركتها السياسية في السيادة. النص الأول للفيلسوف يقول فيه مُواجها خصوم الفلسفة:" ولضيق فطنهم عن أساليب الحق... ولدرانة الحسد المُتمكّن من أنفسهم البهيمية...ووضعهم ذوي الفضائل الإنسانية التي قصروا عن نيلها، وكانوا منها في الأطراف الشاسعة، بوضع الأعداء الجربة الواثرة ذبّا عن كراسيهم المزورة التي نصبوها من غير استحقاق بل للترؤس والتجارة بالدين، وهم عدماء الدين،لأن مَنْ تجِر بشيء باعه، ومَن باعلاشيئا لم يكن له، فمن تجر بالدين لم يكن له دين، ويحق أن يتعرّى من الدين مَنْ عاند قُنية علم الأشياء بحقائقها وسمّاها كفرا،لأن علم الأشياء بحقائقها علم الربوبيّة وعلم الوحدانية وعلم الفضيلة، وجُملة كلّ نافع والسبيل إليه والبُعد عن كل ضارّ والاحتراس منه، واقتناء هذه جميعا هو الذي أتت به الرسل الصادقة عن الله جلّ ثناؤه..فواجب إذن التمسّك بهذه القنية عند ذوي الحق وأن نسعى في طلبها بغاية جُهدنا."(أورده محمد عابد الجابري في كتابه " بنية العقل العربي: ص 418).
النص الثاني/ما كتبه المفكر الكبير ابن رشد في كتابه " فصل المقال " في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال :"..وإذا تقرّر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات واعتبارها، وكان الاعتبار ليس شيئا أكثر من استنباط المجهول من المعلوم، واستخراجه منه وهذا هو القياس، أو بالقياس، فواجب أن نجعل نظرنا إلى الموجودات بالقياس العقلي."