كمال صدقي مدير المنتدى
عدد الرسائل : 2376 العمر : 68 البلد : أفورار العمل : متقاعد مُهتم بالدرس الفلسفي تاريخ التسجيل : 20/12/2007
| موضوع: الحاجة إلى علم نفس الحكام. الأربعاء أبريل 13, 2011 6:36 pm | |
| حان الوقت للمفكرين العرب التفكير في سيكولوجية الحكام العرب، بلغة واقعية وبسيطة بعيدة عن " الفدلكات اللغوية" للمحللين السياسيين الذين ينتشرون كالفطر على الفضائيات.أقول التداول في علم نفس الحكام على غرار كتاب " في علم نفس الجماهير" لغوستاف لوبون الذي ألفه سنة 1895 ، ليكتب سجموند فرويد أيضا كتابا في نفس الموضوع "علم نفس الجماهير وتحليل الأنا".يرتبط هذا المطلب بما شهدناه من سيادة نمط الحُكم المُمتدّ لأجل غير مُسمّى في الجملوكيات الجديدة، وكأن الشعوب العربية بليدة تستمرئ خنوعها، يركبُه الطغاة بكل أساليب الأدلجة وأخرى قمعية من أجل دقّ مسامير البقاء على كرسي السلطة بقدر ما يُدرّ هذا الكرسي من منافع للحاكم وأقربائه وحاشيته .إن الثورات العربية اليوم ما تفتأ تكشف عن عورة الحاكمين تِباعا، ليحترقوا بوهج الحقيقة المُرّة والتي اتخذت من الاحتجاج السلمي طريقا لإسقاطهم، ليختموا هذا الاحتجاج بعد النصر بالتهكّم الأسود الذي اتخذ من النّكتة والكاريكاتور وسيلة لتعرية ما تبقى من كرامة الحاكمين المخلوعين إن كانت لهم كرامة من الأصل، ناهيك عن تعرية الحياة الحميمية للحكام من خلال ما جرى على أسرّة نومهم من فضائح، وحتى الّليالي الملاح لأبنائهم (القذافي وأفراد أسرته تحديدا) تظهر أهمية علم نفس الحكام، من خلال استباق كارثة ما نسمعه مثلا عن مختلف سلوكيات معمر القذافي والذي كان بحق فلتة سياسية عمّرت أكثر ممّا يجب،واستطاع أن يخدع المثقفين والعاميين على السواء.إن مسألة فهم الحقيقة السيكولوجية للحكام،ليس فقط من خلال خطاباتهم الظاهرة، بل من خلال تأويل هذا الظاهر والبحث عن دوافعه اللاواعية في أفق فهم كل الملابسات التي تصنع الطغاة بتواطؤ شعوبها أحيانا!!!.وأستعير هنا مفهوم " لوسيان غولدمان" حول منهجية قراءة النصوص من خلال مقولتي: النوايا الواعية والنوايا اللاواعية للكاتب.السؤال ما هي النوايا اللاواعية للحاكم وهو يتحدث في أول خطاب له أمام الجماهير، وحتى خلال مسيرة حكمه؟ ما الذي يجعله يخون أمانة ما تمّ تنصيبه من أجله وهو يُستقبل استقبال الأبطال؟ كيف تُغيّر السلطة منظور الحاكم لذاته وللآخرين؟ بأيّ معنى نمط الحياة المحدود داخل جدران المقر الرئاسي له نتائج سلبية على البعد التفاعلي والاجتماعي للحاكم مع المحكومين؟هل بالفعل للبرتوكولات الرئاسية الصارمة والنمطية تأثير سلبي على نفسية الحاكمين؟ ما طبيعة العلاقة التي يربطها مع حاشيته من المستشارين والوسطاء المعنيين بنقل أخبار البلاد والعباد؟ هل صحيح أن المشكلة في حاشية الحاكم وليست في الحاكم ذاته؟ هل كان زين العابدين بنعلي صادقا حين اعترف بأن حاشيته من المستشارين الذين غلّطوه وقد فهم، نعم فهم مطالب شعبه بعد اكتوائه بنار الاحتجاجات العارمة تحت شعار" نريد إسقاط النظام". .هل نفس الأمر وقع لباقي الحكام؟في المغرب يزعم رشيد نيني وغيره من الذين ينتقدون النظام بنفس أدوات النظام !!!أن المسؤول الحقيقي عن انزياح الحكامة في السلطة نحو اللامعقول السياسي ليس الملك بل تحديدا بعض أصدقائه المقرّبين: الهمة والماجدي مثلا، وبقية الحاشية حسب التراتب في المهام؟ وهذا كلام خطير يتعلق بسؤال مَن يحكم ؟ أم الأمر مجرد مُغالطة يتم من خلالها تقديم البعض ك" شيفون".إذن ما الذي يمنع الحاكم من إيقاف عجلة الفساد التي تصبّ الزيت على النار؟...هل ما قاله الشيخ القرضاوي في خطبة الجمعة،من كون بشار الأسد رئيس شاب ومثقف ولكنه مُحاط بحاشية أفسدته بنقلها إليه حقائق مزيفة؟ إذن كيف نُفسّر مفارقة استشراء دائرة الفساد حول المقرّبين مع العلم المُسبق بأنها قنبلة موقوتة وبالفعل انفجرت في العديد من البلاد العربية، وأحسن نموذج محاكمة بعض الفاسدين في مصر ما بعد الثورة؟لماذا الدولة العربية ليست دولة بالمعنى الحقيقي واقعا ومفهوما،هل هي بتعبير عبد الله العروي مجرد وريثة للدولة السلطانية الاستبدادية ؟متى سيتم الانتقال إلى الدولة بالفعل؟ أليس الحاكم مُؤتمن على السهر على رعيته وفق تعاقد(دستور) يتطابق مع مطالب الناس حسب المستجدات؟ أين كان بشار الأسد قبل انتفاضة" درعا" لتخرج مستشارته السياسية " بثينة شعبان" لتُلقي في ندوة صحافية رشوة أو فتاتا من الإصلاحات ؟(حتى كيشطح الشعب عاد يغرمو عليه، كما قال أحد المتهكّمين) إذا كانت الدولة كما هي في مفهومها وواقعها تدبير للشأن العام، لماذا ينسى الحكام المهمّة الموكولة إليهم، قبل إخراج البعض منهم ليتلعثموا في الكلام نادمين حيث لا ينفع الندم؟(يمكن تتبّع مسار خطابات كل من بن علي ومبارك) لكن هل يقتصر الأمر على الحاكم، أم ينتقل هذا المشكل إلى رئاسة الأحزاب والنقابات والجمعيات؟ أرجو من مناضلي الأحزاب والنقابات التفكير الجدّي في المفارقات التالية وأنا لا أقصد التشكيك أو التيئيس، وحسبنا البوح بما يجري لعلنا نوقظ فينا الحس الإشكالي والنقدي:نسمع كثيرا عن زعماء سياسيين في المغرب وآخرون نقابيون، أمورا نتعجّب كيف لمُريديهم ومنخرطيهم وحركاتهم الشبابية الإبقاء على الوفاء للأشخاص بالرغم من انتفاء شروط الوفاء، وهذا تدمير لمأسسة الحزب أو النقابة من خلال الولاء القبلي بدلا من النقد والمُحاسبة بكل شفافية؟ مثلا يُشاع أن الأموي والشيخ ياسين قد سجّلا في الشهر العقاري ممتلكات النقابة والحوزة العدلية بأسمائهم الشخصية من خلال التحايل على التمييز بين الشخص الذاتي والشخصية المعنوية للنقابة أو الحركة، ومع ذلك لم يُحرّك المنخرطون والأتباع أدنى ردّ فعل للتدقيق في مآل الممتلكات المعنوية بعد ممات الشخصيات الذاتية التي وقعّت عقود الملكية.؟ إذن ما الذي يجري؟ هل لو لم يكن المحكومون مُستغفلون بإرادتهم ضد طبيعة القوانين من مثل : لكلّ فعل ردّ فعل من حجمه.كمثال، كيف تحوز الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أيضا على مقرها الرئيسي كصفقة مع إدريس البصري بما يٌقارب المليار فرنك،على حساب نضالات إحدى المناجم...وتنحية الملياردير الشعبي الذي رغب هو الآخر في شراء ما أصبح مقرا نقابيا؟ولا أحد من " المناضلين" يستنكر!!!كما أن المحجوب بن الصديق سيّر نقابته بقبضة من حديد ولمدة تزيد عن الخمسين سنة ولا أحد من " المناضلين" فتح فاه بكلمة حق أقصد حق التداول على منصب رئاسة الاتحاد المغربي للشغل، ونأتي اليوم لنسلطّ الأضواء على أمثال القذافي وقضية التمسّك بكرسي السلطة...كذلك يُسيّر الحزب الاشتراكي" للقوات الشعبية"!!!كاتب عام يُشاع أنه " إقطاعي في جلباب اشتراكي"!! https://www.youtube.com/watch?v=xI65ku5tjEI&feature=player_embedded#at=69 ومع ذلك يتقبّل " المناضلون" ،وحتى الطبقات السّفلى من مناضلي القواعد بكل أريحية الزعيم"المناضل" لنكتشف مدى النفاق السياسي للمناضلين المقرّبين،والفقر الإيديولوجي للقواعد ممّا يزيد من اغتناء الزعيم على حساب " جهل "القواعد وتواطؤ النخبة الحزبية، بل وإعطاء الزعيم مساحة من المُناورة مع الحكام لمزيد من حلب " بزولة السلطة" ما استطاع، وليهنأ المناضلون الشعبيون في شعاراتهم الجوفاء ومشاكل حياتهم اليومية الصغيرة !!! أقول إن بين ظهرانينا ،في أحزابنا وجمعياتنا المدنية والحقوقية و...ما هو أقبح من بن علي ومبارك والقذافي وعلى عبد الله صالح.السؤال متى ستسقط الأقنعة الأفقية بعد بداية سقوط الأقنعة العمودية؟ كمثال نعيشه يوميا وأغلبنا ابتلع لسانه ولا أحد قادر على الجهر بالحقيقة: مُعظم المقرات النقابية والسياسية بالجهات مُقفلة، وبدون تمثيلية مجالس الفروع، وبقي من المكاتب " النشطاء " فردين، كحالة مكتب فرع الكونفدرالية بأفورار، حيث يتم أخذ القرار في مقاهي رياض السلام ومقهى الليمون.ونِعْم النضال!!أبهذه الممارسات نستطيع تحقيق كرامة المواطنين؟ ألم يُخطئ النظام السياسي حين أفرغ الأحزاب والنقابات والجمعيات المدنية – هذه الأخيرة التي تحولت إلى مقاولات تبحث عن الشَّراكات وتراكم الأرباح ، وأهملت العمل الجمعوي التطوعي الهادف- ليفتح الباب على المجهول الذي عصف بالنظام السياسي التونسي والمصري...لأنه حين احتاج إلى الأحزاب في تأطير المواطنين وجد أنها تحوّلت إلى جزء من النظام ذاته، ليعصف الشباب اللامُتحزّب بكل أركان النظام السياسي.وبدل فهم هذه الحقيقة، تُعالج أحزابنا المغربية التقليدية الخطأ بالخطأ، حين تعمل على تجييش " الشباب " من أجل تظاهرة تجعل من شعارها حبّ الملك والوطن.مع أن حبّ الملك غير موضع مساومة لأنه شرعية تاريخية ووجدانية لا أحد له الحق في استغلالها ، لكن الأحزاب التقليدية تغرق في الوحل بدل أخذ الدروس من ما وقع في تونس ومصر.. | |
|