أستاذي الكريم
تحية فلسفية تربوية
ها أنت وفي إطار الحفر المستمر في تجاويف الذاكرة وفي صخرة الممارسة تعثر وكالعادة على بعض الجواهر المخفية !!
وها أنت مرة أخرى تستفز كسلي
تحدثتم عن طريقتين في تقديم المفهوم:
- اقتباس :
- هناك طريقتان لتقديم المفهوم داخل الفصل:
1- الطريقة الأولى تعمل على الشكل التالي ( داخل رقعة السبورة)
التاريخ: 2009/10/12
مادة الفلسفة: الوضع البشري.
مفهوم الشخص.
المحور الأول : الشخص والهوية.
- إشكال المحور:............
( يمكن الاشتغال على دلالة الهوية من حيث دلالتها كمفهوم قبل الاشتغال عليها كمشكلة فلسفية)
أ - إجابة جون لوك، ويتم اشتغال على النص وفق الإشكال المطروح...عندها ينتقل إلى النص المُحاور: شوبنهاور...ثم تركيب.....
تقييم: في نظري يمكن تشبية هذه المنهجية ب" منهجية التقطير " Goute à goute، وهي تشبه كمن يقوم برحلة دون أن يعرف مسار ونهاية الرحلة، ويبقى التلميذ متعلقا بالمدرس الذي يُنير له دروب مسارات إشكال المفهوم دون أن نعطي للتلميذ الحق في امتلاك رؤية شمولية لكل تمفصلات إشكالات المحور، والعلاقات الممكنة مع باقي المحاول، وعلاقة كل هذا بالمجزوءة، كما في الطريقة التي سأقترحها فيما يلبي؟
هذا رقم 1 ةلكنني لم أجد رقم 2
على كل حال ،لقد استنتجت أن الطريقة الثانية هي طريقة التحليقأو الطلعة الجوية survol بحيث نعرض امام التلميذ مختلف محاور الدرس وإشكالياته منذ الحصة الأولى بحجة أن ذلك سيكسبه منظورا شموليا تركيبيا للمفهوم ككل وللتعالقات بين إشكالاته الفرعية
التبرير محمود نظريا، لكنه يواجه عدة معضلات فلسفية ومعرفية cognitives أي معضلات ذات علاقة بسيرورة التعلم وتمثل المعرفة من قبل المتعلم
بالنسبة لك كمدرس فإن خطاطة الحصة الأولى التي تلخص الدرس بأكمله ذات معنى بالنسبة لك انت المطلع على محتوى الخطاطة، ولكن أرجو ان تختبر مدى استيعاب التلاميذ لمدلول تلك الخطاطة، خصوصوا وأنها خطاطة إشكالات، وهي إشكالات تستنزف نصف طاقتنا ونصف وقت حصصنا من أجل توضيح معناها للمتعلم
شخصيا ، امارس طريقة الطلعة الجوية من حين لآخر بدافع الاستسلام لسهولة العادة ليس إلا ، لكنني أوثر عليها طريقة التقطير، لسببين (وأرجو ان تعذر اختصاري وسأعود إلى التفاصيل لاحقا):
- السبب الأول: أننا نخلط ببن منطق التدريس ومنطق التعلم، بين منطق من يملك المعرفة ومنطق من يسعى إلى بنائها واكتسابها، بين منطق العرض ومنطق الاكتشاف
عندما نستعرض إشكالات المحاور الثلاثة منذ الدقائق الأولى، فهي هنا مجرد وعاء، خطاطة ، صورة، ولكن أين هي المادة التي تمنحها الحياة والمحتوى !.
لم لانترك المتعلم يبني (النظرية البنائية) العلاقات عوض أن نستبق السيرورة الطبيعية للتعلم ونفرض عليه علاقات ما بين عناصر لايدري محتواها ولا أبعادها في تلك اللحظة، والحالة أن الهوية والقيمة والحرية وهي إشكالات المحاور الثلاثة لاتحمل بالنسبة للمتعلم أي مضمون إشكالي في البداية !!
أعتقد أن هذه الانتقادات هي نفسها الانتقادات التي وجهت لبيداغوجيا الأهداف...
دعنا نقيّم طريقة "الطلعة الجوية" كما كانت تمارس سابقا
في المقر القديم كنا، (أو كان البعض لأني في الأخير تخليت عنها) نبدأ بما يسمى "من الدلالات إلى الإشكالية" حيث يقال لنا إنكم بها تطهرون المفهوم الفلسفية من شوائب التمثل الشائع والحس المشترك، وتدلفون إلى الدلالة اللغوية كمرحلة وسط قبل أن تبلغوا في النهاية بر الأمان اللسفي، وبعدها تتوالى الأسئلة كالسيل المنهمر، بحيث نطرح جميع أسئلة الدرس واحدا بعد آخر منذ الحصة الأولى !!
والحال أن:
-الدرس بأكمله ليس سوى سيرورة لبناء المفهوم، وبالتالي فالفمهمة لاتقتصر على حصة الكاتارسيس الأولى، وبعدها ننطلق فرحين مسرورين مطمئنين من اننا داخل المياه الإقليمية الأمنة للمفهوم الفلسفي بعيدا عن قراصنة التمثل واالحس المشترك !!
- لامعنى لطرح اإشكالات كلها واحدة بعد الأخرى في ألول حصة من حصص الدرس، بدليل اننا نضطر كل مرة في بداية المحور الثاني او الثالث إلى التذكير بها ، وخصوصا في المحور الثالث حيث يتبين أن التلاميذ قد نسوها بالمرة، خصوصا بالنسبة لمن يمكث طويلا في الدرس/المفهوم الواحد
-السبب الثاني أن "القيام برجلة لا نعرف مسارها" أمر ممتع أيضا ويمكن أن يمنح للتفكير الفلسفي صفة الإدهاش التي يدعيها، وهكذا، فالمدرس مطالب وهو في نهاية محور الهوية بأن يبتدع طريقة ما ليجعل إشكال القيمة ينبثق بشكل تلقائي من رحم إشكال الهوية نفسه !!
طبعا هذا كلام نظري وشتان بين النظرية والبراكسيس لأننا لانعلم هل هناك فعلا منطق فلسفي احترمته لجنة صياغة المنهاج عند تحديدها لمحاور الدرس وتعاقبها داخل الدرس واحدة بعد اخرى، وكذا تعاقب الدروس نفسها
ما أشبه عملنا بعمل مرشد سياحي، مع فارق بسيط وهي ان بعض السياح يمتلكون خريطة المدينة القديمة وبعضهم يعرف نظريا على الأقل ما يود زيارته
يمكن لها المرشد أن يبسط أمام السياح خريطة كبيرة توضح تتضمن خارطة المسالك وذكا صورا للمعالم التي تتم زيارتها، لكن كم من سائح وهو يتبع المرشد سيحتفظ في ذهنه بصورة لخارطة المسالك الملتوية للمدينة القديمة، وكم من سائح سيذكر جيدا صورة هذه المئذنة أو تلك الساقية أو الدكانة
إن جهل السائح بكل هذه المعطيات أو نسيانه لن يمنعه من الاستمتاع بالرحلة ومن وتذوق لذة الاكتشاف ومن تذكر المسالك بعد انتهاء الرحلة لأنها حفرت في ذهنه بطابع وجداني emotions
للحديث بقية
دمت محبا للحكمة